للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولم يخلطوا إيمانهم بشيء من معاني الظلم، وذلك فعل ما نهى الله عن فعله، أو ترك ما أمر الله بفعله، وقالوا: الآية على العموم؛ لأن الله لم يخص به معنى من معاني الظلم.

قالوا: فإن قال لنا قائل: أفلا أمن في الآخرة إلا لمن لم يعص الله في صغيرة ولا كبيرة، وإلا لمن لقي الله ولا ذنب له؟ قلنا: إن الله عنى بهذه الآية خاصا من خلقه دون الجميع منهم، والذي عنى بها وأراده بها خليله إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم، فأما غيره فإنه إذا لقي الله لا يشرك به شيئا فهو في مشيئته إذا كان قد أتى بعض معاصيه التي لا تبلغ أن تكون كفرا، فإن شاء لم يؤمنه من عذابه، وإن شاء تفضل عليه، فعفا عنه، قالوا: وذلك قول جماعة من السلف وإن كانوا مختلفين في المعنيّ بالآية، فقال بعضهم: عني بها إبراهيم. وقال بعضهم: عني بها المهاجرين من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصحة في ذلك، ما صحّ به الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. اهـ‍ (١).

وبالتفسير النبوي قال عامّة الصحابة والتابعين، قال العلاّمة القاسمي: وبالجملة، فلا يعلم مخالف من الصحابة والتابعين في تفسير (الظلم) هنا بالشرك، وقوفا مع الحديث الصحيح في ذلك اهـ‍ (٢).

وذهب الزمخشري - وكذا هو مذهب المعتزلة - إلى منع تفسير الظلم بالشرك، وفسره بالمعصية المفسقة.

قال: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ} أي: لم يخلطوا إيمانهم بمعصية تفسقهم، وأبى تفسير الظلم بالكفر لفظ‍ اللبس. اهـ‍ (٣).


(١) جامع البيان (٧/ ٢٥٥ - ٢٥٩) باختصار يسير.
(٢) محاسن التأويل (٦/ ٢٣٨٩).
(٣) الكشاف (٢/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>