للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو حيان: وهذه دفينة اعتزال، أي أن الفاسق ليس له الأمن إذا مات مصرا على الكبيرة … وقد فسره الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالشرك فوجب قبوله اهـ‍ (١).

والذي حمله على هذا التفسير، وردّه لتفسير النبي صلّى الله عليه وسلّم هو ما اعتقده من اعتقاد فاسد في مرتكب الكبيرة أنه في الآخرة مخلد في النار.

والأدلة على ردّ ذلك كثيرة مبثوثة في كتب العقائد (٢)، وليس هذا مجال الردّ على معتقده، وإنما الغرض ردّ تفسيره المخالف لتفسير النبي صلّى الله عليه وسلّم، فالحديث صحيح، ونص في تفسيرالآية، فقوله مباهتة في مقابل الحديث لا تستحق المجاوبة.

*** ثانيا: أقوال بعض المفسرين التي خالفت التفسير النبوي وليست مما سبق:

من أمثلة هذا ما جاء في تفسير قوله تعالي {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها}

[يس: ٣٨] اختلف أهل التفسير في معنى قوله: {لِمُسْتَقَرٍّ لَها} على أقوال:

الأول: أن المراد مستقرها المكاني، وهو تحت العرش مما يلي الأرض من ذلك الجانب، وهي أينما كانت فهي تحت العرش؛ لأنه سقف جميع المخلوقات.

الثاني: أن المراد بمستقرها هو: منتهى سيرها، وهو يوم القيامة، يبطل سيرها وتسكن حركتها، وتكور وينتهي هذا العالم إلى غايته، وهذا هو مستقرها الزماني (٣).


(١) البحر المحيط‍ (٤/ ٥٧١)، وانظر - أيضا - حاشية زادة (٢/ ١٨٣)، وفتح القدير (٢/ ١٣٥)، وروح المعاني (٧/ ٢٠٧)، ومحاسن التأويل (٦/ ٢٣٨٩)، وفتح البيان (٤/ ١٨٢)، والتحرير والتنوير (٧/ ٣٣٣).
(٢) انظر على سبيل المثال شرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٤٤٢)، ومجموع فتاوى ابن تيمية (٧/ ٥١١)، وما بعدها، وكتاب الإيمان له ص ٣١٢، وما بعدها، والمعتزلة وأصولهم الخمسة لعواد المعتق ص ٢٢٠ وما بعدها.
* ونظير هذا المثال:
ما جاء في تفسير قوله تعالى: * لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ [يونس: ٢٦] انظر الكشاف (٢/ ٢٣٤) مع جامع البيان (١١/ ١٠٤ - ١٠٧)، وتفسير ابن كثير (٤/ ١٩٨ - ١٩٩).
(٣) انظر جامع البيان (٢٣/ ٥)، وتفسير ابن كثير (٦/ ٥٦٢ - ٥٦٣)، وشرح صحيح مسلم للنووي (٢/ ٥٥٤ - ٥٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>