للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القلم: ٤٢]، فقد اختلف السلف في تفسير هذه الآية على قولين (١):

القول الأول: أن معناها، يوم يكشف عن شدة وكرب، وذلك يوم القيامة.

والعرب تقول: كشف هذا الأمر عن ساق، إذا صار إلى شدة، وتقول وشمرّت الحرب عن ساقها، أي إذا اشتدت.

قال ابن عباس - رضي الله عنهما - عن هذه الآية: يكشف عن أمر عظيم، كقول الشاعر (٢):

وقامت الحرب بنا على ساق (٣)

والقول الثاني: أن معنى الآية، يوم يكشف الرحمن - سبحانه - عن ساقه يوم القيامة.

وهذا القول مروي بإسناد صحيح (٤) عن ابن مسعود، وقال به طائفة (٥). وهذه الآية


(١) نقل القولين أكثر المفسرين، وسيأتي الإحالة إلى بعضها، ونقلهما - أيضا - شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتاوى (٦/ ٣٩٤)، وابن القيم في الصواعق (١/ ٢٥٢).
(٢) لم أعثر على اسمه.
(٣) أخرجه الطبري في تفسيره (٢٩/ ٣٨ - ٣٩)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥٠٠)، وقال صحيح الإسناد اهـ‍ ووافقه الذهبي. واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٣/ ٤٢٧)، أثر رقم (٧٢٤) والبيهقي في الأسماء والصفات (٢/ ٨٠).
وقد ذهب جماعة إلى أن هذه الآثار ونحوها لا تثبت، وتعرضوا لنقدها سندا ومتنا. فمن ذلك قول العلامة ابن القيم في الصواعق (١/ ٢٥٣): وحمل الآية على الشدة لا يصح بوجه، فإن لغة القوم في مثل ذلك أن يقال كشفت الشدة عن القوم، لا كشف عنها، كما قال تعالى. فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (٥٠) [الزخرف: ٥٠]، فالعذاب والشدة هو المكشوف لا المكشوف عنه، وأيضا فهناك تحدث الشدة وتشتد ولا تزال إلا بدخول الجنة، وهناك لا يدعون إلى السجود وإنما يدعون إليه أشد ما كانت الشدة اهـ‍.
وقد جمع سليم الهلالي طرق المروي عن ابن عباس والتابعين في هذه الآية ودرس أسانيدها في رسالة أسماها [المنهل الرقراق في تخريج ما روي عن الصحابة والتابعين في تفسير يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ]، وخلص من هذه الدراسة إلى أنه لا يصح منها شيء، وضعّف جميع أسانيدها.
(٤) انظر المستدرك (٢/ ٥٠٠).
(٥) انظر جامع البيان (٢٩/ ٣٩ - ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>