للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليست نصا في الصفة؛ لأنها جاءت نكرة في الإثبات، ولم تضف إلى الله - تعالى -، لذا وقع الخلاف بين السلف في تفسيرها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: إن جميع ما في القرآن من آيات الصفات، فليس عن الصحابة اختلاف في تأويلها.

وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة، وما رووه من الحديث، ووقفت من ذلك على ما شاء الله - تعالى - من الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير، فلم أجد - إلى ساعتي هذه - عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف؛ بل عنهم من تقرير ذلك وتثبيته، وبيان أن ذلك من صفات الله ما يخالف كلام المتأولين ما لا يحصيه إلا الله، وكذلك فيما يذكرونه آثرين وذاكرين عنهم شيء كثير.

وتمام هذا أني لم أجدهم تنازعوا إلا في مثل قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ} فروى عن ابن عباس وطائفة أن المراد به الشدة، إن الله يكشف عن الشدة في الآخرة، وعن أبي سعيد وطائفة أنهم عدّوها في الصفات؟ للحديث الذي رواه أبو سعيد في الصحيحين.

ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ} نكرة في الإثبات لم يضفها إلى الله، ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر، ومثل هذا ليس بتأويل، إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف. اهـ‍ (١).

إذا تقرر هذا، فإن أولى القولين هو ما قاله ابن مسعود، وأبو سعيد - رضي الله عنهما - وذلك لحديث أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:

«يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا» (٢).


(١) مجموع الفتاوى (٦/ ٣٩٤ - ٣٩٥).
(٢) متفق عليه، البخاري في مواضع، منها في كتاب التفسير، تفسيرسورة القلم، باب يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ انظر الصحيح مع الفتح (٨/ ٥٣١). ومسلم، كتاب الإيمان، حديث رقم (٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>