للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا الحديث ذكر الكشف عن الساق والسجود له - سبحانه -، وهي كذلك مذكورة في الآية فهذا مما يؤيد القول الثاني، أما القول الأول فليس في معناه خبر من الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ذكر فيه الشدة والكرب مقرونا بالسجود.

وهذا الذي رجحته القاعدة هو مقتضى كلام ابن جرير الطبري (١)، وصدّر به ابن كثير تفسيرالآية (٢)، وانتصر له الشوكاني (٣)، وصديق خان (٤)، وعليه اقتصر السعدي (٥) - على الجميع رحمة الله -.

قال الشوكاني - بعد أن ساق أقوال أهل اللغة، وحديث أبي سعيد، وأثر ابن عباس -: وقد أغنانا الله - سبحانه - في تفسير هذه الآية بما صح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما عرفت، وذلك لا يستلزم تجسيما، ولا تشبيها، فليس كمثله شيء.

دعوا كل قول عند قول محمد … فما آمن في دينه كمخاطر. اهـ‍ (٦)

ويؤيد هذه القاعدة فيما رجحته في هذا المثال، قاعدة: «يجب حمل ألفاظ‍ الوحي على الحقيقة». فإن الكلام على القول الذي رجحته القاعدة محمول على الحقيقة، أمّا على القول الأول فإنه يصرف إلى المجاز، والأصل حمل ألفاظ‍ القرآن على الحقيقة فترجّح بذلك القول الثاني، وهو ما رجحته القاعدة.

وانتصر اخرون للقول الأول، وردّوا القول الثاني، وذلك لأجل معتقد اعتقدوه - فنزّلوا الآيات والأحاديث على ذلك المعتقد - لا لأدلة دلت على ترجيحه وردّ ما


(١) انظر جامع البيان (٢٩/ ٤٢) قال: ويدعوهم الكشف عن الساق إلى السجود لله - تعالى - فلا يطيقون ذلك اهـ‍.
(٢) انظر تفسير القرآن العظيم (٨/ ٢٢٤)
(٣) فتح القدير (٥/ ٢٧٨).
(٤) فتح البيان (١٤/ ٢٧٣).
(٥) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (٧/ ٤٥٢).
(٦) فتح القدير (٥/ ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>