للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيانا لكلامه - سبحانه -.

وقولي: «لا دليل عليها من القرآن أو السنة» خرج به ما ثبت فيه تفصيل أو تفسير أو تعيين مبهم من قبل الله - تعالى - أو رسوله صلّى الله عليه وسلّم. كتعيينه صلّى الله عليه وسلّم اسم صاحب موسى - عليه السلام - بأنه الخضر (١).

فمثل هذا يجب الجزم به، وحمل الآية عليه إذا صح الحديث، لأنه وحي يوحى كما قال تعالى: {وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى} (٤) [النجم: ٣ - ٤].

وألحق العلماء بالحديث المرفوع قول الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه، ولا تعلّق له ببيان لغة وشرح غريب.

فقالوا: له حكم الرفع. وجزم به على هذا الإطلاق غير واحد (٢).

وقيّده جماعة من الأئمة بأن لا يكون ذلك الصحابي ممن عرف بالنظر في الإسرائيليات (٣). وهو الحق؛ لأن الإطلاق مشكل، وذلك لاحتمال أن يكون


(١) وذلك في حديث ابن عباس الطويل في قصة موسى مع الخضر أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الخضر مع موسى - عليهما السلام - انظر الصحيح مع الفتح (٦/ ٤٩٧).
(٢) منهم الرازي في المحصول (١/ ٦٤٣/٢)، والعراقي في التبصرة والتذكرة (١/ ١٣٩)، والتهانوي في علم الحديث ص ١٢٧ وغيرهم.
(٣) منهم الحافظ‍ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح (٢/ ٥٣٠ - ٥٣٢)، وفي شرح النخبة ص ٥٣، والسيوطي في تدريب الراوي (١/ ١٥٥)، وفي الإتقان (٤/ ١٨١)، والمناوي في اليواقيت والدرر (٢/ ٤٨٦)، وغيرهم. هذه عبارة الحافظ‍ ابن حجر في النكت، أما عبارته في شرح النخبة وكذا عبارة غيره «أن يقول الصحابي الذي لم يأخذ عن الإسرائيليات ما لا مجال للاجتهاد فيه .. » والفرق بين العبارتين ظاهر، وهو أن من عرف بالنظر يكون مكثرا في الرواية عنهم غالبا ولا يلزم هذا من عرف بالأخذ.
غير أن التقييد بالأخذ مشكل، وذلك من وجه أنه يلزم منه جعل كل قول - مما لا مجال للاجتهاد فيه - قاله أحد الصحابة الذين أخذوا عن أهل الكتاب من الإسرائيليات، ولو لم يكن في الحقيقة منها؛ وذلك لأنهم وضعوا هذا القيد احترازا من الإسرائيليات قال الحافظ‍ ابن حجر في شرح النخبة ص ٥٣: وإنما كان له حكم المرفوع؛ لأن إخباره بذلك يقتضي مخبرا له، وما لا مجال للاجتهاد فيه يقتضي موقفا للقائل به، ولا موقف للصحابة -

<<  <  ج: ص:  >  >>