للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقل الإمام الطبري خلاف المفسرين في عدد الذين آمنوا مع نوح فحملهم معه في الفلك، وذكر أربعة أقوال وأسندها إلى قائليها (١).

فقال بعضهم: كانوا ثمانية أنفس.

وقال آخرون: بل كانوا سبعة أنفس.

وقال آخرون: كانوا عشرة سوى نسائهم.

وقال آخرون: بل كانوا ثمانين نفسا.

فهذه أربعة أقوال في تحديد العدد الذي آمن بنوح - عليه السلام - وحمل معه في السفينة، وكلها لا دلالة عليها من كتاب أو سنة، بل هي مما أخذ من بني إسرائيل، فالصواب ألا تحمل الآية على أي منها، فهو مما أبهمه الله عنا، ولم تقم حجة ببيانه.

قال الإمام الطبري - بعد أن ذكر الأقوال السابقة -: والصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله: {وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاّ قَلِيلٌ} (٤٠) [هود: ٤٠] يصفهم بأنهم كانوا قليلا، ولم يحدد عددهم بمقدار، ولا خبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صحيح، فلا ينبغي أن يتجاوز في ذلك حد الله، إذ لم يكن لمبلغ عدد ذلك حد من كتاب الله أو أثر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. اهـ‍ (٢).

٢ - ومن أمثلة هذه القاعدة - أيضا -: ما جاء عن مجاهد في تفسير قول الله تعالى: {عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً} (٧٩) [الإسراء: ٧٩].

قال: يجلسه معه على عرشه. اهـ‍ (٣).

وهذا أمر غيبي من أحوال الآخرة، ولم يقم عليه دليل من القرآن أو السنة، ولم ينقل بسند صحيح عن أحد من الصحابة؛ فهو مردود بهذه القاعدة.


(١) انظرها في جامع البيان (١٢/ ٤٢ - ٤٣).
(٢) جامع البيان (١٢/ ٤٣).
(٣) جامع البيان (١٥/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>