للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد صح التفسير النبوي للآية بخلافه، فثبت في السنة أن المقام المحمود هو الشفاعة (١).

قال الإمام ابن عبد البر: وعلى هذا أهل العلم في تأويل قول الله تعالى: {عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً} (٧٩) [الإسراء: ٧٩] أنه الشفاعة. وقد روى عن مجاهد أن المقام المحمود: أن يقعده معه يوم القيامة على العرش. وهذا - عندهم - منكر في تفسير هذه الآية، والذي عليه جماعة العلماء من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الخالفين أن المقام المحمود هو المقام الذي يشفع فيه لأمته، وقد روي عن مجاهد مثل ما عليه الجماعة من ذلك، فصار إجماعا في تأويل الآية من أهل العلم بالكتاب والسنة. اهـ‍ (٢).

والغريب كلام الإمام الطبري بعد أن رجح أن المقام المحمود هو الشفاعة، قال عن قول مجاهد: فإن ما قاله مجاهد من أن الله يقعد محمدا صلّى الله عليه وسلّم على عرشه، قول غير مدفوع صحته، لا من جهة خبر ولا نظر، وذلك؛ لأنه لا خبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم،


(١) منها ما أخرجه البخاري، كتاب التفسير، سورة الإسراء، باب عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (٧٩) عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا كل أمة تتبع نبيها.
يقولون: يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود» انظر الصحيح مع الفتح (٨/ ٢٥١)، وانظر (٣/ ٣٩٦) منه. وفي مسند الإمام أحمد (٣/ ٤٥٦) من حديث كعب بن مالك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «يبعث الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل ويكسوني ربي - عز وجل - حلة خضراء ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول فذلك المقام المحمود».
وأخرج الطبري في تفسيره (١٥/ ١٤٥) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (٧٩) [الإسراء: ٧٩] سئل عنها، قال: «هي الشفاعة» وروي نحوه ابن عبد البر في التمهيد (١٩/ ٦٣).
(٢) التمهيد (١٩/ ٦٣ - ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>