للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أن المراد بالبيوت هي المنازل المعروفة، والإتيان هو المجيء إليها ودخولها.

قاله ابن عباس وقتادة وغيرهما.

والثاني: أن المراد بالبيوت، النساء أمرنا لإتيانهنّ من القبل لا من الدّبر. قاله ابن زيد.

والثالث: أنها مثل. فقيل أمر الناس أن يأتوا الأمور من وجوهها.

وقيل: المعنى: ليس البر أن تشذوا في الأسئلة عن الأهلّة وغيرها فتأتوا الأمور على غير ما يجب. وقيل غير ذلك.

وأولى هذه الأقوال بالصواب هو القول الأوّل، وذلك لما صح في سبب نزول هذه الآية من حديث البراء بن عازب (١) - رضي الله عنهما - قال: كانت الأنصار إذا حجوا فرجعوا لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها. قال: فجاء رجل من الأنصار فدخل من بابه، فقيل له ذلك فنزلت هذه الآية {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها} (٢).

وهذا ما ترجحه القاعدة التي نحن بصدد التمثيل لها. وقد رجّح هذا القول بهذه القاعدة جماعة من أئمة التفسير، منهم ابن العربي (٣)، وابن عطية (٤)، والقرطبي (٥)، وأبو حيان (٦)، وغيرهم.


(١) هو: البراء بن عازب بن الحارث الأوسي الأنصاري، له ولأبيه صحبة، ردّ يوم بدر لصغر سنه، روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم جملة من الأحاديث، وعن أبي بكر، وعمر، وغيرهما، توفي سنة اثنتين وسبعين الإصابة (١/ ١٤٧).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، تفسيرسورة البقرة باب: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها انظر الصحيح مع الفتح (٨/ ٣١)، ومسلم كتاب التفسير، حديث رقم (٢٣)، وغيرهما.
(٣) انظر أحكام القرآن (١/ ١٤٣).
(٤) انظر المحرر الوجيز (٢/ ٩٩).
(٥) انظر الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٣٤٦).
(٦) نظر البحر المحيط‍ (٢/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>