للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العموم، وقد أحلت هناك على هذا المثال لبيان هذه الصورة، وهذا موطن البيان.

ذلك أن قوله تعالى: {إِلاّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ} ليس على عمومه في جميع الإماء، وليس بيع الأمة طلاقا لها، لما في الصحيحين وغيرهما أن عائشة - رضي الله عنها - اشترت بريرة وأعتقتها، وكانت ذات زوج فخيرها النبي صلّى الله عليه وسلّم بين البقاء مع زوجها أو الفراق، فاختارت الفراق (١).

ففي تخيير النبي صلّى الله عليه وسلّم لها دليل على أن عقد الزوجية لم ينفسخ بالبيع، ولم يعد شراء عائشة - رضي الله عنها - طلاقا، ولو كان شراؤها طلاقها لم يكن لتخيير النبي صلّى الله عليه وسلّم معنى، ولوجب بالشراء والعتق الفراق، فدل ذلك على أن عقد النكاح السابق ثابت، فتحرم على غير زوجها حتى يطلقها، أو تختار هي الفراق، أو تنقضي عدتها لوفاته (٢).

فإذا انتفى العموم في «ملك اليمين» كان أولى الأقوال بتفسيرالآية فيه على الخصوص هو ما وافق سبب النزول. وصورة سبب النزول قطعية الدخول في العام - كما هو معروف عند الأصوليين - (٣).

قال الزركشي: ومن فوائد أسباب النزول: أنه قد يكون اللفظ‍ عاما، ويقوم الدليل على التخصيص، فإن محل السبب لا يجوز إخراجه بالاجتهاد والإجماع، كما حكاه


(١) أخرج القصة البخاري في مواضع، منها في كتاب الطلاق، باب لا يكون بيع الأمة طلاقا. انظر الصحيح مع الفتح (٩/ ٣١٥). وأخرجها مسلم، كتاب العتق، حديث رقم (٥ - ١٥).
(٢) انظر جامع البيان (٥/ ٨)، والجامع لأحكام القرآن (٥/ ١٢٢)، وتفسير ابن كثير (٢/ ٢٢٥)، وروح المعاني (٥/ ٢)، وأضواء البيان (١/ ٣٨٣).
(٣) انظر المنخول ص ١٥١ وشرح الكوكب (٣/ ١٨٧)، وانظر أضواء البيان (١/ ٧٧، ١٨٦، ١٩٠، ٣٥٥)، (٦/ ٥٣٦، ٥٧٧) منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>