للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير وأنه يؤخذ عن الصحابة والتابعين؛ لأنه كان عندهم علوم العربية بالطبع لا بالاكتساب، وحصّلوا بقية العلوم من القرآن والسنن التي تلقوها عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وذكر أن هذا العلم - أعني التفسير - يؤخذ - أيضا - ممن استكمل علوم الآلة التي تعينه على تفسير كتاب الله، ثم ذكر أن من لم يستكمل تلك العلوم يردّ تفسيره ويكون من باب الرأي المنهي عنه.

ثم قال بعدها: وممن لا يقبل تفسيره: المبتدع خصوصا الزمخشري في كشافه فقد أكثر من إخراج الآيات عن وجهها إلى معتقده الفاسد

- إلى أن قال: ولا يقبل ممن عرف بالجدال والمراء والتعصب لقول قاله وعدم الرجوع إلى الحق إذا ظهر له، ولا ممن يقدّم الرأي على السنة، ولا من عرف بالمجازفة وعدم التثبت أو بالجرأة والإقدام على الله وقلة المبالاة. اهـ‍ (١).

وعلى ذلك درج مفسرو أهل السنة - وإن كانوا قليلا - فإنهم يقدمون أقوال السلف في تفسير القرآن ويردون تفاسير أهل الضلال الذين حرفوا نصوص القرآن لتوافق ما اعتقدوه من البدع التي أصّلها لهم شيوخهم، والسيوطي من المحجوجين بهذه القاعدة، فكما قرر ردّ تفاسير المبتدعة أمثال الزمخشري، فكذلك تأويلات الأشاعرة لبعض الآيات مردودة.

وبالجملة فتقديم تفسير الصحابة على تفسير غيرهم مسألة معلومة مشتهرة قد سطرها أهل العلم في كتبهم حيث جعلوا تفسير الصحابي بعد التفسير النبوي في المرتبة في أحسن طرق التفسير (٢).

وكذلك هي قاعدة معتمدة من أوجه الترجيح عند الأصوليين (٣).

***


(١) التحبير ص ٣٣٠ - ٣٣١.
(٢) انظر مقدمة في أصول التفسير لا بن تيميه ص ٩٥، وتفسير ابن كثير (١/ ١٣)، والبرهان للزركشي (٢/ ١٥٩)، وإيثار الحق ص ١٤٦ - ١٤٧، والإتقان (٤/ ١٨١)، ومحاسن التأويل (١/ ٧).
(٣) انظر التمهيد في أصول الفقه (٤/ ٢٨٨)، والمسودة ص ٣٧٧، وانظر العدة لأبي يعلى (٣/ ٧٢١ - ٧٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>