للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام الشاطبي (١): وأيضا فالجزئيات المتخلفة قد يكون تخلفها لحكم خارجة عن مقتضى الكلي فلا تكون داخلة تحته أصلا (٢). اهـ‍

وعرفت القاعدة - أيضا - بأنها: حكم أغلبي ينطبق على معظم جزئياته (٣).

قيل حكم أغلبي؛ لأنها لا تنطبق على جميع الجزئيات في كل قاعدة، وإنما حكم أغلبي إذ إن كثيرا من القواعد تشذ عنها بعض المسائل، فتعد مستثناة منها، ولا يقدح ذلك في كونها قاعدة (٤)، وبذلك صار الحكم أغلبيا.

وفي نظري - والله أعلم - أن الخلاف بين الحدين خلاف صوري إذ كل منهما يقرر أن لكل قاعدة مستثنيات لا تدخل تحت حكم القاعدة.

فمن جعل حكم القاعدة كليا، نظر إلى هذه الجزئيات المخرجة من القاعدة على أنها لا تدخل في حكم القاعدة أصلا. فجعل حكمها كليا باعتبار ما بقى تحت حكمها من جزئيات.

ومن جعل حكمها أغلبيا اعتبر هذه الجزئيات المخرجة على أنها غير داخلة تحت صورة القاعدة أصلا، وإنما أخرجت بدليل، فصار حكم القاعدة منتفيا عنها مع كونها كانت من جزئيات القاعدة، وبما أن هذه الجزئيات المخرجة قليلة بالنسبة لما يندرج تحت القاعدة من جزئيات صار حكم القاعدة أغلبيا.

ولعل التعريف الثاني - حكم أغلبي ينطبق على معظم الجزئيات - أقرب إلى الناحية الواقعية في الصورة المختلف عليها، وهي الجزئيات المستثناة، فهي في الأصل تدخل


(١) هو: إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي، الشهير بالشاطبي، أصولي حافظ‍، صاحب التصانيف، من أشهر مؤلفاته الموافقات والاعتصام، والاتفاق في علم الاشتقاق، توفي سنة تسعين وسبعمائة، انظر درة الحجال، ذيل الوفيات (١/ ١٨٢) والأعلام (١/ ٧٥).
(٢) الموافقات (٢/ ٥٣).
(٣) المدخل الفقهي العام للزرقا (٢/ ٩٤٦).
(٤) انظر مجلة البحث العلمي والتراث الإسلامي أم القرى - العدد الخامس ١٤٠٢ - ١٤٠٣ ص ١٣ في بحث للدكتور وهبة الزحيلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>