للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشنقيطي (١) وغيرهم - عليهم رحمة الله -.

ويؤيد هذه القاعدة فيما قررته في هذا المثال، قاعدة «القول الذي تؤيده قرائن في السياق مرجّح على ما خالفه».

وهذه القرائن هي أن السياق قد دلّ على أن إبراهيم - عليه السلام - قد عرف ربّه قبل حدوث هذه القصة، وذلك في موضعين، أحدهما: إخبار الله عنه بأنه خاطب أباه ناهيا له عن عبادة الأصنام مقررا ضلال من فعل ذلك، في قوله: {* وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (٧٤) [الأنعام: ٧٤] (٢) والآخر: ترتيب قوله تعالى: {فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً}

[الأنعام: ٧٦] الآيات «بالفاء» على قوله تعالى: {وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} (٧٥) [الأنعام: ٧٥] فدل علي أنه قال ذلك موقنا مناظرا ومحاجا لهم كما قال تعالى: {وَحاجَّهُ قَوْمُهُ} [الأنعام: ٨٠] الآية، وقال: {وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ} [الأنعام: ٨٣] (٣).

ويؤيد هذه القاعدة - أيضا - فيما رجحته في هذا المثال، عصمة النبوة فإن الأنبياء معصومون ممّا يخدش هذه العصمة، أو ينال من مقام النبوة، والشرك أعظمها، وما بعثوا إلا لنفي الشرك وتقرير التوحيد.

قال السيوطي (٤): والأنبياء معصومون من الشرك قبل النبوة، وبعدها إجماعا. اهـ‍ (٥).

٢ - ومن أمثلة هذه القاعدة - أيضا - ما جاء في تفسير قوله تعالى: {قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا}


(١) أضواء البيان (٢/ ٢٠١).
(٢) انظر مفاتيح الغيب (١٣/ ٥٠).
(٣) أضواء البيان (٢/ ٢٠١) وانظر مفاتيح الغيب (١٣/ ٥١).
(٤) هو: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي، صاحب المؤلفات الفائقة النافعة، نشأ يتيما، واعتزل الناس في الأربعين من عمره واشتغل بالتأليف، توفي سنة إحدى عشرة وتسعمائة. شذرات الذهب (٨/ ٥١).
(٥) الإتقان (١/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>