للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الجمعة: ٢]. بأنهم العرب (١). ونحوها من الآيات التي اتفق السلف على تفسيرها (٢).

وذلك بتنصيص أحد الأئمة الأعلام وحكايته لهذا الإجماع، وعدم العلم بالمخالف، فهذا يدل على أن الأمة متفقة على تفسير هذه الآية وفهمها على هذا الوجه، إذ يستحيل أن تجهل الأمة - أو تعلم وتسكت - في عصور مختلفة تفسيرآيات من كتاب الله، وتفسرها بمعان هي خلاف الصواب، ولا تفسّر بغيرها من المعاني الصحيحة.

والكثرة الكاثرة من الآيات وقع الخلاف في تفسيرها، وهذا الخلاف لا يخلو من أحد أربعة أمور:

إمّا أن تكون جميع الأقوال محتملة في الآية وبقوة الاحتمال نفسها أو قريبا منه، ومن نصوص القرآن والسنة ما يشهد لكل واحد منها.

وإما أن تكون الأقوال متعارضة مع بعضها يتعذر حمل الآية عليها جميعا.

وإما أن تكون الأقوال ليست متعارضة مع بعضها، وإنما يكون بعضها معارضا لدلالة آيات قرآنية، أو لنصوص صحيحة من السنة، أو لإجماع الأمة.

وإما أن تكون الأقوال المختلفة في الآية ليس بينها تعارض - لا مع بعضها ولا مع آيات أو أحاديث أو إجماع - وهي محتملة، غير أن بعضها أولى من بعض، لاعتبارات سيأتي بسطها في ثنايا هذا البحث. وسوف أذكر - بمشيئة الله - لكل نوع من هذه الأنواع أمثلة، مراعيا فيها جانب الاختصار، مبينا بها المقصود.

فأما النوع الأول من الخلاف وهو ما إذا كان جميع الأقوال محتملة في الآية ونصوص القرآن والسنة شاهدة لكل واحد منها، فكقوله تعالى: {وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} [الأنعام: ٣] فللعلماء ثلاثة أوجه من


(١) أضواء البيان (١/ ١٤٧).
(٢) انظر جامع البيان (١/ ٢٦٨) تحقيق شاكر وتفسير ابن أبي حاتم (١/ ٣١) والنكت والعيون (٦/ ١٦٢) والمحرر الوجيز (٨/ ٤٨ - ٥٣)، (١٦/ ١٦١) والتفسير القيم ص ٣٨ - ١٦٨ - ٢١٣، والتحرير والتنوير (١/ ٢٥). والإجماع عند المفسرين للدكتور محمد الخضيري.

<<  <  ج: ص:  >  >>