للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير، قال العلامة الشنقيطي (١): وكل واحد منها له مصداق في كتاب الله - تعالى -.

الأول: أن المعنى، وهو الله في السماوات وفي الأرض، أي وهو الإله المعبود في السماوات والأرض؛ لأنه - جل وعلا - هو المعبود وحده بحق في الأرض والسماء، وعلى هذا فجملة {يَعْلَمُ} حال، أو خبر، وهذا المعنى يبينه، ويشهد له قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ} [الزخرف: ٨٤] أي وهو المعبود في السماء والأرض بحق، ولا عبرة بعبادة الكافرين غيره؛ لأنها وبال عليهم يخلدون بها في النار الخلود الأبدي، ومعبوداتهم ليست شركاء لله - سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا - {إِنْ هِيَ إِلاّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ} [النجم: ٢٣]، وقال: {وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ} (٦٦) [يونس: ٦٦].

الوجه الثاني: أن قوله: {فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: ٣] يتعلق بقوله:

{يَعْلَمُ سِرَّكُمْ} أي وهو الله يعلم سركم في السماوات وفي الأرض ويبين هذا القول ويشهد له قوله تعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}

[الفرقان: ٦].

الوجه الثالث: أن الوقف تام على قوله: {فِي السَّماواتِ،} وقوله: {وَفِي الْأَرْضِ} يتعلق بما بعده، أي يعلم سركم وجهركم في الأرض. ومعنى هذا القول: أنه - جل وعلا - مستو على عرشه فوق جميع خلقه، مع أنه يعلم سر أهل الأرض وجهرهم لا يخفى عليه شيء من ذلك، يبين هذا القول ويشهد له قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ} (١٦)


(١) هو: العلامة محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي، بحر العلوم، درّس في المسجد النبوي، وكليتي الشريعة واللغة العربية، وغيرها، توفي سنة ثلاثة وتسعين وثلثمائة وألف. عن ترجمة تلميذه عطية محمد سالم في مقدمة الأضواء (١/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>