للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسيره سياق الآيات ولا أسباب النزول ولا المعاني الشرعية التي تدل عليها ألفاظ‍ القرآن، ولا ما أثر من التفسير عن الصحابة والتابعين ولا عادات المخاطبين بهذا القرآن، جرّد تفسيره للآيات من هذا كله، ونزّله على المعاني العربية دون أن يحتكم إلى غير استعمال العرب للألفاظ‍ والتراكيب - وقد أنكر عليه هذا المنهج جماعة من تلاميذه ومعاصريه ومن بعدهم (١).

فمن أمثلة اعتماده للعربية فقط‍ دون نظر لسياق أو أسباب نزول أو مأثور التفسير عن الصحب الكرام وأئمة التابعين في التفسير قوله في تفسير قوله تعالى: {مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ} [آل عمران: ٣٩]: بكلمة من الله أي بكتاب من الله، تقول العرب للرجل: أنشدني كلمة كذا وكذا أي قصيدة فلان وإن طالت. اه‍ (٢).

قال الطبري: وقد زعم بعض أهل العلم بلغات العرب من أهل البصرة أن معنى قوله: {مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ} بكتاب من الله، من قول العرب: أنشدني فلان كلمة كذا، يراد به قصيدة كذا جهلا منه بتأويل الكلمة، واجتراء على ترجمة القرآن برأيه (٣) اه‍.

ومن أمثلة ذلك - أيضا - قوله في تفسير قوله تعالى: {وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} (٤٩) [يوسف: ٤٩]:

أي به ينجون، وهو من العصر، وهي العصرة - أيضا - وهي المنجاة، قال:

ولقد كان عصرة المنجود (٤)


(١) انظر مثلا جامع البيان (١/ ٥٨) و (١٢/ ٢٣٣)، وإنباه الرواه (٣/ ٢٧٨)، والنحو وكتب التفسير لإبراهيم رفيدة (١/ ١٥٤).
(٢) المجاز (١/ ٩١).
(٣) جامع البيان (٣/ ٢٥٣ - ٢٥٤)، والذي ذهب إليه أهل التفسير في تفسير هذه الآية أن معنى مصدقا بكلمة من الله، أي بعيسى بن مريم، وبه قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك والحسن والسدي والربيع بن أنس وغيرهم.
(٤) هذا عجز بيت صدره «صاديا يستغيث غير مغاث» لأبي زبيد الطائي، والبيت في جامع البيان (١٢/ ٢٣٣)، ولسان العرب مادة «عصر» (٤/ ٥٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>