فقال بعضهم: أنه يخرج الحي من النطفة الميتة، ويخرج النطفة الميتة من الشيء الحي.
وقال آخرون: أنه يخرج النخلة من النواة، والنواة من النخلة، والسنبل من الحب، والحب من السنبل، والبيض من الدجاج، والدجاج من البيض.
وقال آخرون: أنه يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن.
قال الطبري - بعد أن ذكر هذه الأقوال، ورواها عن قائليها -:
وأولى التأويلات التي ذكرناها في هذه الآية بالصواب تأويل من قال: يخرج الإنسان الحيّ والأنعام والبهائم الأحياء من النطف الميتة، وذلك إخراج الحيّ من الميت، ويخرج النطفة الميتة من الإنسان الحيّ والأنعام والبهائم الأحياء، وذلك إخراج الميت من الحيّ، وذلك أن كل حيّ فارقه شيء من جسده، فذلك الذي فارقه منه ميت، فالنطفة ميتة لمفارقتها جسد من خرجت منه، ثم ينشئ الله منها إنسانا حيا وبهائم وأنعاما أحياء، وكذلك حكم كل شيء حيّ زايله شيء منه، فالذي زايله منه ميت، وذلك هو نظير قوله:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}(٢٨)[البقرة: ٢٨].
وأما تأويل من تأوّله بمعنى الحبة من السنبلة، والسنبلة من الحبة، والبيضة من الدجاجة، والدجاجة من البيضة، والمؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، فإن ذلك وإن كان له وجه مفهوم، فليس ذلك الأغلب الظاهر في استعمال الناس في الكلام، وتوجيه معاني كتاب الله - عز وجل - إلى الظاهر المستعمل في الناس، أولى من توجيهها إلى الخفي القليل في الاستعمال اهـ (١).
٢ - ومن أمثلة هذا النوع - أيضا - ما جاء في تفسير قوله تعالى:{حَتّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ}[هود: ٤٠].
اختلف المفسرون في معني {وَفارَ التَّنُّورُ:}
فقال بعضهم: انبجس الماء من وجه الأرض، وفار التنور، وهو وجه الأرض.