للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن الانصراف في تفسيره وفهم معانيه عن الحقيقة التي تدل عليها ألفاظه إلى أنواع الاستعارات وضروب المجازات مناف لهذا التيسير الذي أخبر الله به عن كتابه.

فلو كان فهم ألفاظه على حقائقها غير مراد، والمراد فهم ما يدل على خلاف حقائقها فأيّ تيسير يكون في ذلك؟! وأيّ تعقيد وتعسير يكون أعظم منه؟ (١).

إذا تقرر هذا فإن كمال التيسير وأحسن التفسير في حمل ألفاظه على حقائقها وظاهرها.

٢ - ومنها: أن الله - تعالى - أخبر في كتابه عن كمال علمه - تعالى -، وعن علم نبيه صلى الله عليه وسلم به - تعالى -، وبكتابه، وأخبر - تعالى - أنه بيّن كتابه بأحسن بيان كما قال تعالى: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} (٣٣) [الفرقان: ٣٣]، فالحق هو المعنى والمدلول الذي تضمنه الكتاب، والتفسير الأحسن: هو الألفاظ‍ الدالة على ذلك الحق فهي تفسيره وبيانه (٢).

وأخبر - سبحانه - أنه أنزل الكتاب على رسوله ليبينه لهم كما قال تعالى:

{وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]، وقال تعالى:

{وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: ٤]، فكمال علم الله - تعالى - الذي تكلم بهذا القرآن، وكمال بيانه - تعالى - لكتابه في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وكمال نصحه للناس يقتضي ذلك كله أن يفهم القرآن، وتفسر ألفاظه على حقائقها وتحمل على ظاهرها.

«وإن حمل نصوص الوحي على خلاف ظاهرها، وخلاف حقائقها يقدح في علم المتكلم بها، وفي بيانه، وفي نصحه وفي فصاحتها، وتقرير ذلك أن يقال: إما أن يكون المتكلم بهذه النصوص عالما أن الحق في تأويلات المتأولين لها على خلاف حقائقها أو لا يعلم.


(١) انظر الصواعق المرسلة (١/ ٣٣١) وما بعدها.
(٢) الصواعق المرسلة (١/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>