للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن لم يعلم ذلك والحق فيها كان ذلك قدحا في علمه، وإن كان عالما أن الحق فيها فلا يخلو:

إما أن يكون قادرا على التعبير بعبارتهم واستعاراتهم المجازية التي صرفوا بها النصوص عن حقائقها.

أو لا يكون قادرا على تلك العبارات.

فإن لم يكن قادرا على التعبير بذلك لزم القدح في فصاحة كلامه وكان أولئك المحرفين لنصوص الوحي أقدر على تأدية المعاني منه، وأفصح كلاما، وأحسن بيانا وتعبيرا عن الحق، وهذا مما يعلم بطلانه بالضرورة.

وإن كان قادرا على ذلك، ولم يتكلم به، وتكلم دائما بخلافه وما يناقضه كان ذلك قدحا في نصحه» (١) فبطل بهذا أن يكون الهدى والبيان في حمل نصوص الوحي على خلاف حقائقها، واتضح أن الحق والهدى والبيان في حملها على حقائقها، خاصة نصوص صفات الباري - سبحانه - ومسائل الغيب.

٣ - ومنها: أنه قد حكى غير واحد الإجماع على أن المجاز خلاف الأصل، والأصل هو الحقيقة، ولم يخالف في ذلك أحد، حتى الذين استعملوا المجاز لتحريف بعض نصوص الوحي التي تخالف معتقدهم يقررون أن الأصل في الكلام الحقيقة ولا يجوز صرف الكلام عنها إلا عند تعذر حمله عليها، وإن خالفوا هذا عند التطبيق.

قال الرازي: وأجمع العلماء على أنه لا يجوز صرف الكلام إلى المجاز إلا بعد تعذر حمله على الحقيقة اهـ‍ (٢).

وقرر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: ومن قسم الكلام إلى حقيقة ومجاز متفقون على أن الأصل في الكلام هو الحقيقة اهـ‍ (٣).


(١) الصواعق المرسلة (١/ ٣٢٤) باختصار يسير.
(٢) مفاتيح الغيب (٣٠/ ٩٤)،
(٣) مجموع الفتاوى (٢٠/ ٤٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>