للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب أهل السنة إلى إثبات صفتين ذاتيتين هما اليدان، وهذا هو الحق الذي نطق به القرآن والسنة، والدلائل على إثبات صحته، وإبطال غيره كثيرة.

* منها: هذه القاعدة «حيث إن القرآن نزل بلغة العرب، واليد المطلقة في لغة العرب وفي معارفهم وعاداتهم المراد بها إثبات صفة ذاتية للموصوف، لها خصائص فيما يقصد به، وهي حقيقة في ذلك، كما ثبت في معارفهم الصفة التي هي القدرة، والصفة التي هي العلم، كذلك سائر الصفات من الوجه والسمع والبصر والحياة وغير ذلك، وهذا هو الأصل في هذه الصفة، وأنهم لا ينتقلون عن هذه الحقيقة إلى غيرها مما يقال على سبيل المجاز إلا بقرينة تدل على ذلك، فأما مع الإطلاق فلا، ولهذا يقولون: لفلان عندي يد، فيراد بذلك ما يصل من الإحسان بواسطة اليد، وإنما فهم ذلك بإضافة اليد إلى قوله «عندي» والتعبير باليد عن القدرة إنما يثبت ذلك بقرينة، وهو أن يقول: لفلان عليّ يد، فقوله «عليّ» قرينة تدل على أن المراد باليد القدرة» (١).

ولا قرينة هنا فوجب حملها على الحقيقة.

* ومنها: أنه لا شك أن الرجوع في الكلام الوارد عن الحقيقة والظاهر المعهود إلى المجاز إنما يكون بأحد ثلاثة أشياء:

أحدها: أن يعترض على الحقيقة مانع يمنع من إجرائها على ظاهر الخطاب.

الثاني: أن تكون القرينة لها تصلح لنقلها عن حقيقتها إلى مجازها.

والثالث: أن يكون المحل الذي أضيفت إليه الحقيقة لا يصلح لها فينتقل عنها إلى مجازها.

فإن قالوا: إن إثبات اليد الحقيقة التي هي صفة لله - تعالى - ممتنع لعارض يمنع.

فليس بصحيح، من جهة أن الباري - تعالى - ذات قابلة للصفات المساوية لها


(١) ملخصا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في نقض تأسيس الجهمية (١/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>