للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إذا لم يمتنع الجمع بين مدلولي المشترك، فهل يجوز استعماله فيهما؟ فيه مذهبان:

الأول: أنه يصح إطلاق المشترك المفرد في معنييه أو معانيه معا في وقت واحد من متكلم واحد، ونسبه الشوكاني (١) إلى جمهور العلماء (٢)، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (٣). قال - رحمه الله -: ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ‍ فيه محتملا للأمرين.

إما لكونه مشتركا في اللفظ‍ كلفظ‍ «قسورة» الذي يراد به الرامي ويراد به الأسد.

ولفظ‍ «عسعس» الذي يراد به إقبال الليل وإدباره.

وإما لكونه متواطئا في الأصل؛ لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشيئين كالضمائر في قوله: {ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى} (٨) [النجم: ٨] وكلفظ‍ {وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} (٣) [الفجر: ١ - ٣] وما أشبه ذلك، فمثل هذا قد يجوز أن يراد به كل المعاني التي قالها السلف، وقد لا يجوز ذلك. فالأول إما لكون الآية نزلت مرتين فأريد بها هذا تارة وهذا تارة، وإما لكون اللفظ‍ المشترك يجوز أن يراد به معنياه، إذ قد جوز ذلك أكثر الفقهاء: المالكية، والشافعية، والحنبلية، وكثير من أهل الكلام (٤) … اهـ‍.

المذهب الثاني: أنه لا يجوز أن يحمل المشترك على معنييه أو معانيه في وقت واحد


(١) هو محمد بن علي الشوكاني، الفقيه الأصولي المفسر، صاحب التصانيف، من علماء اليمن، تولى قضاء صنعاء، وكان نابذا للتقليد داعيا للاجتهاد توفى سنة خمسين ومائتين وألف. الأعلام (٦/ ٢٩٨).
(٢) إرشاد الفحول ص ٤٨.
(٣) هو أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني الدمشقي، أبو العباس، ناصر السنة وقامع البدعة، أفتى ودرّس وصنف وهو دون العشرين، مات سجينا في قلعة دمشق سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، انظر البداية والنهاية (١٤/ ١٤١).
(٤) مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٤١) وهو ترجيح الشنقيطي في أضواء البيان (٢/ ١٥) و (٦/ ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>