للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الأنواع الثلاثة الباقية فهي موضوع بحثي، وكل عملي في هذا البحث منصبّ عليها، وأكثره على النوع الثالث منها.

أما النوع الأول من هذه الأنواع الثلاثة فهو ما إذا كانت الأقوال متعارضة يتعذر حمل الآية عليها جميعا، فلا بد أن يكون المراد أحدها، وغالب ذلك في المشترك، والمتواطئ المراد به أحد النوعين. إذ اتفق أهل الأصول على عدم جواز استعمال اللفظ‍ المشترك في معنييه أو معانيه من متكلم واحد في وقت واحد، إذا امتنع الجمع بين مدلوليه أو مدلولاته (١).

مثل «القرء» فإنه يراد به «الحيض» ويراد به «الطهر» ولا يمكن أن يكون المراد الاعتداد بهما معا في آن واحد.

قال الماوردي (٢) في مقدمة تفسيره: الضرب الثاني: أن يتفق أصل الحقيقة فيهما فيكونا مستعملين في اللغة على سواء أو في الشرع أو في العرف، فهذا على ضربين:

أحدهما: أن يتنافى اجتماعهما ولا يمكن استعمالهما، في الأحكام الشرعية مثل «القرء» الذي هو حقيقة في الطهر وحقيقة في الحيض، ولا يجوز للمجتهد أن يجمع بينهما، لتنافيهما، وعليه أن يجتهد رأيه في المراد منهما بالأمارات الدالة عليه (٣) … اهـ‍.


(١) انظر الإحكام للآمدي (٢/ ٢٦١) وشرح تنقيح الفصول ص ١٤٤ - ١١٥ والتمهيد للأسنوى ص ١٧٣ وشرح الكوكب المنير (١/ ١٤٠) ومختصر من قواعد العلائي (١/ ١٢٥ - ٣٨٧) وإرشاد الفحول ص ٤٨.
(٢) هو علي بن محمد بن حبيب الماوردي القاضي أبو الحسن، من فقهاء الشافعية، له تصانيف كثيرة، في أصول الفقه وفروعه، والتفسير وغيرها، مات سنة خمسين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء (١٨/ ٦٤) وطبقات المفسرين (١/ ٤٢٧).
(٣) النكت والعيون (١/ ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>