للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن لم يحتج إلى ذكر ذلك في اللفظ‍ إذ كان قوله: فقلنا اضرب، فانفلق: دليلا على أنه ضرب فانفلق (١).

قال الطاهر بن عاشور: إنك تجد في كثير من تراكيب القرآن حذفا، ولكنك لا تعثر على حذف يخلو الكلام من دليل عليه من لفظ‍ أو سياق اهـ‍ (٢).

فمثل هذا الإضمار والتقدير غير داخل تحت هذه القاعدة التي نحن بصدد عرضها - وستأتي قواعد تتعلق بهذا النوع - إن شاء الله - تعالي - لأنه في حكم الملفوظ‍ به وإن حذف اختصارا لدلالة الكلام عليه، وهذه الدلالة تسمى عند الأصوليين «دلالة الاقتضاء» وهي: أن يكون الكلام المذكور لا يصح ضرورة إلا بتقدير محذوف، وهذا المحذوف هو «المقتضى» (٣)، هذا المحذوف الذي دلّ الدليل عليه قد يكون جملة بأسرها أو أحد أركانها.

أما الفضلة فلا يشترط‍ ذكرها بحيث إذا لم تذكر قيل عنها إنها محذوفة؛ ولكن إذا تعلق الغرض بمجرد إيقاع الفاعل للفعل فيقتصر عليها، ولا يذكر المفعول، ولا ينوى؛ إذ المنويّ كالثابت، ولا يسمى محذوفا؛ لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة ما لا مفعول له، ومنه قوله تعالى: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [البقرة: ٢٥٨] … إذ المعنى ربي الذي يفعل الإحياء والإماتة (٤) … فلا يقال فيه إنه حذف بغير دليل (٥).


= ٣٨٦، والمحرر الوجيز (٥/ ٨٤)، وفتح القدير (٣/ ٨٤)، و (٤/ ١٦٨)، وأضواء البيان (٣/ ٣٥٦ - ٦٠٠ - ٦١٠)، (٤/ ٤٣٤ - ٤٣٦ - ٨٥٥)، و (٦/ ٢٤٩ - ٢٩٦)، و (٧/ ١٠٥ - ١٥٩).
(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٠/ ٤٦٦).
(٢) التحرير والتنوير (١/ ١٢٢).
(٣) انظر الواضح في أصول الفقه للدكتور محمد الأشقر ص ٢٢١، وانظر دلالة الاقتضاء في المحصول (١/ ٣١٨/١)، وأصول السرخسي (١/ ٢٤٨) وشرح تنقيح الفصول ص ٥٣، ٥٥ والبحر المحيط‍ (٣/ ١٦٠)، وشرح الكوكب (٣/ ٤٧٥).
(٤) انظر مغنى اللبيب (٢/ ٦٠٣ - ٦١٢).
(٥) البرهان في علوم القرآن (٣/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>