للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما في قوله في جزاء الصيد: {فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً} [المائدة: ٩٥]، وقوله في كفارة الترفّه: {فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] وكقوله في كفارة اليمين: {فَكَفّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ‍ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: ٨٩] هذه كلها على التخيير، فكذلك فلتكن هذه الآية (١).

وقد أثر عن ابن عباس أنه قال: ما كان في القرآن «أو» فصاحبه بالخيار (٢).

وحجة القول الثاني قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدي ثلاث الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة» (٣) فنفى النبي صلى الله عليه وسلم قتل من خرج عن الوجوه الثلاثة، ولم يخصص فيه قاطع الطريق، فانتفى بذلك قتل من لم يقتل من قطاع الطريق (٤).

وأجاب ابن العربي عن هذا بقوله: والآية نص في التخيير، وصرفها إلى التعقيب والتفصيل تحكّم على الآية وتخصيص لها، وما تعلقوا منه بالحديث لا يصح؛ لأنهم قالوا: يقتل الرّدء (٥) ولم يقتل، وقد جاء القتل بأكثر من عشرة أشياء، منها متفق عليها ومنها مختلف فيها، فلا تعلق بهذا الحديث لأحد اهـ‍ (٦).


(١) انظر تفسير ابن كثير (٣/ ٩٣).
(٢) انظر الجامع لأحكام القرآن (٦/ ١٥٢).
(٣) متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - البخاري في كتاب الديات، باب قوله تعالى: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ [المائدة: ٤٥]، انظر الصحيح مع الفتح (١٢/ ٢٠٩)، ومسلم كتاب القسامة حديث رقم (٢٥ - ٢٦).
(٤) أحكام القرآن للجصاص (٤/ ٥٥)، وانظر جامع البيان (٦/ ٢١٥).
(٥) الردء هو المعين والنصير، ومنه قوله تعالى: فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً [القصص: ٣٤] انظر مادة «ردأ» في تهذيب اللغة (١٤/ ١٦٧)، وفي اللسان (١/ ٨٤).
(٦) أحكام القرآن (٢/ ٩٨ - ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>