للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال بعض المعربين: خبر «لا» المحذوف تقديره: موجود (١). فيكون المعنى: لا معبود موجود إلا الله.

وقدّره غيرهم ب‍ «حق، أو بحق» فيكون المعنى «لا معبود بحق إلا الله» وهذا التقدير هو الحق، وذلك لموافقته للغرض من هذه الجملة، وهو إثبات الوحدانية في الإلهية له وحده، ونفيها عمن سواه.

إلى جانب ما يوهمه التقدير الأول - أي موجود - من معنى فاسد، مخالف لما علم بالاضطرار من توحيده - تعالى -، ولمخالفته لأدلة الكتاب والسنة، ولمخالفته الغرض الذي سيقت هذه الجملة من أجله، وهذا المعنى الذي أوهمه ذلك التقدير هو إثبات معنى الاتحاد - تعالى الله وتقدس -؛ لأن المعنى مع هذا التقدير يصبح «لا معبود موجود إلا الله» أي كل معبود موجود في الوجود فهو الله، فكل ما عبد بحق أو بباطل فهو الله، فتأمل.

قال العلاّمة حافظ‍ الحكمي (٢) في نقد ونقض هذا التقدير: فمعنى «لا إله إلا الله» لا معبود بحق إلا الله، «لا إله» نافيا جميع ما يعبد من دون الله فلا يستحق أن يعبد «إلا الله» مثبتا العبادة لله فهو الإله الحق المستحق للعبادة، فتقدير خبر لا المحذوف بحق هو الذي جاءت به نصوص الكتاب والسنة كما سنوردها - إن شاء الله - وأما تقديره بموجود فيفهم منه الاتحاد، فإن الإله هو المعبود، فإذا قيل لا معبود موجود إلا الله، لزم منه أن كل معبود عبد بحق أو باطل هو الله فيكون ما عبده المشركون من الشمس والقمر والنجوم والأشجار والأحجار والملائكة والأنبياء والأولياء وغير ذلك هي الله فيكون ذلك كله توحيدا، فما عبد على هذا التقدير إلا الله إذ هي هو، وهذا


(١) انظر البحر المحيط‍ (٢/ ٧٥ - ٧٦)، والبرهان في علوم القرآن (٣/ ١١٥).
(٢) هو: الحافظ‍ حافظ‍ بن أحمد بن علي الحكمي، من علماء «جازان»، تتلمذ على الشيخ عبد الله القرعاوي - على الجميع رحمة الله - له مؤلفات كثيرة أعظمها معارج القبول، وله نظم في الفقه، والفرائض، والمصطلح، وغيرها توفي سنة سبع وسبعين وثلثمائة وألف. انظر الأعلام (٢/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>