للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضع آخر (١)، ولم يختلف أهل التفسير في بعض الآيات على أنها من باب المقدم والمؤخر، وهذا التقديم والتأخير الذي جاء في القرآن لا يخل بأصل المعنى، ولا يقدح في البيان ولا يلتبس على السامع (٢) وذلك لوجود قرينة، ودليل في الكلام عليه، - وجواز التقديم والتأخير مشروط‍ بوجود القرينة أما مع اللبس فلا يجوز (٣) - سواء أكان من المقدم بنية التأخير، أم غير ذلك «وهذا هو الذي يتكلم عليه علماء المعاني والبيان ويقع في باب الاستفهام والنفي والمبتدأ والخبر والفاعل والمفعول» (٤).

وهذا النوع من التقديم والتأخير غير مقصود في قاعدتنا هذه، وهو مما لا يقع فيه الخلاف بين المفسرين (٥).

مثل قوله تعالى: {إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ} (٥) [الفاتحة: ٥]. فقدم {إِيّاكَ} وحقه التأخير.

وقوله تعالى: {* وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ} [البقرة: ١٢٤]. فقدم {إِبْراهِيمَ} وحقه التأخير.

وقوله تعالى: {لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها} [الحج: ٣٧]. فقدم لفظ‍ الجلالة {اللهَ} وحقه التأخير.

ونحوها من الآيات.


(١) كقوله تعالى: وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ [البقرة: ٥٨]، وقوله تعالى: وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً [الأعراف: ١٦١] ونظائرها كثير، انظر على سبيل المثال الكشاف (٣/ ١٣٥)، ومفاتيح الغيب (٢٩/ ١٤)، والبحر المحيط‍ (١/ ٣٦٢)، والإتقان (٣/ ٤١)، وروح المعاني (٢٤/ ٨٣).
(٢) انظر الصواعق المرسلة (٢/ ٧١٥).
(٣) انظر تقرير هذا في جامع البيان (١٣/ ٦٦)، ومجموع فتاوى ابن تيمية (١٦/ ٢١٨)، والصواعق المرسلة (٢/ ٧١٥).
(٤) الصواعق المرسلة (٢/ ٧١٧ - ٧١٨).
(٥) انظر مثلا جامع البيان (١٥/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>