للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرادا، ولا يقتضي سقوط‍ المعنى الآخر، ويجوز أن يكون مرادا، وإن لم يكن عليه دليل؛ لأن موجب لفظه دليل، فاستويا في حكم اللفظ‍، وإن ترجّح أحدهما بدليل، فصارا مرادين معا.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن المعنى الذي يرجّح بدليل أثبت حكما من المعنى الذي تجرد عنه لقوته بالدليل الذي ترجح به، فهذا أصل يعتبر من وجوه التفسير، ليكون ما احتملته ألفاظ‍ القرآن من اختلاف المعاني محمولا عليه، فيعلم ما يؤخذ به ويعدل عنه. اهـ‍ (١).

وقال العز بن عبد السلام: وعلى الجملة فالقاعدة في ذلك أن يحمل القرآن على أصح المعاني وأفصح الأقوال، فلا يحمل على معنى ضعيف ولا لفظ‍ ركيك … اهـ‍ (٢).

وقال ابن القيم: … للقرآن عرف خاص، ومعان معهودة لا يناسبه تفسيره بغيرها، ولا يجوز تفسيره بغير عرفه، والمعهود من معانية، فإنّ نسبة معانية إلى المعاني كنسبة ألفاظه إلى الألفاظ‍، بل أعظم، فكما أن ألفاظه ملوك الألفاظ‍ وأجلها وأفصحها، ولها من الفصاحة أعلى مراتبها التي يعجز عنها قدر العالمين، فكذلك معانية أجل المعاني وأعظمها وأفخمها، فلا يجوز تفسيره بغيرها من المعاني التي لا تليق به، بل غيرها أعظم منها وأجل وأفخم، فلا يجوز حمله على المعاني القاصرة … فتدبر هذه القاعدة ولتكن منك على بال، فإنك تنتفع بها في معرفة ضعف كثير من أقوال المفسرين وزيفها، وتقطع أنها ليست مراد المتكلم تعالى بكلامه. اهـ‍ (٣).

وجماع القول في ذلك أن تفسيرالآية بما هو راجح أمر لازم حتما، ولا يسع أحدا أن يعدل عن تفسيرالآية بالراجح إلى المرجوح، كما قرر أصل المسألة علماء


(١) النكت والعيون (١/ ٤٠).
(٢) الإشارة إلى الإيجاز ص ٢٢٠.
(٣) بدائع الفوائد (٣/ ٢٧) وانظر التفسير القيم ص ٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>