للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في اللغة.

قال الراغب الأصفهاني في مقدمة مفرداته: وأتبع هذا الكتاب - إن شاء الله تعالى ونسأ في الأجل - بكتاب ينبئ عن تحقيق «الألفاظ‍ المترادفة على المعنى الواحد، وما بينها من الفروق الغامضة»، فبذلك يعرف اختصاص كل خبر بلفظ‍ من الألفاظ‍ المترادفة دون غيره من أخواته، نحو ذكر القلب مرّة والفؤاد مرة والصدر مرّة، ونحو ذكره تعالى في عقب قصة: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (٣٧) [الروم: ٣٧]، وفي أخرى: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (٢٤) [يونس: ٢٤]، وفي أخرى: {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}

(٢٣٠) [البقرة: ٢٣٠]، وفي أخرى: {لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} (٩٨) [الأنعام: ٩٨]، وفي أخرى:

{لِأُولِي الْأَبْصارِ} (١٣) [آل عمران: ١٣]، وفي أخرى: {لِذِي حِجْرٍ} (٥) [الفجر: ٥]، وفي أخرى: {لِأُولِي النُّهى} (٥٤) [طه: ٥٤]، ونحو ذلك مما يعدّه من لا يحقّ الحقّ ويبطل الباطل أنّه باب واحد، فيقدّر أنه إذا فسّر: {الْحَمْدُ لِلّهِ} بقوله: الشكر لله، و {لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: ٢] بلا شك فيه، فقد فسّر القرآن ووفاه التبيان اهـ‍ (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الترادف في اللغة قليل، وأما في ألفاظ‍ القرآن فإمّا نادر وإما معدوم، وقلّ أن يعبر عن لفظ‍ واحد بلفظ‍ واحد يؤدي جميع معناه؛ بل يكون فيه تقريب لمعناه، وهذا من أسباب إعجاز القرآن اهـ‍ (٢).

وذهب بعض العلماء إلى جواز وقوع الترادف في القرآن؛ لأنه واقع في اللغة، والقرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليبها، وفنون كلامها، والترادف من ذلك، وصحح الزركشي هذا القول (٣).

وسواء قيل بالترادف في القرآن أو قيل بعدمه، متى أمكن حمل ألفاظ‍ القرآن على التباين كان ذلك هو المعتمد؛ لموافقته الأصل، ولإفادته فائدة جديدة وهي أولى من التأكيد.


(١) المفردات ص ٥٥.
(٢) مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٤١).
(٣) انظر البحر المحيط‍ (٢/ ١٠٨)، وانظر الفروق اللغوية وأثرها في التفسير ص ١٣٨ - ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>