للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أردت من ذكرها هنا التذكير بهذا الخلاف لما فيه من تقوية بعض جوانب القاعدة، بغض النظر عن ترجيح أحد الأقوال بإثبات الترادف في اللغة أو نفيه.

ولابن القيم تقسيم - في غاية الحسن - للأسماء الدالة على مسمى واحد، وما بينها من ترادف أو تباين، وموقف العلماء منها، أسوقه لنفاسته، قال - رحمه الله -: فالأسماء الدالة على مسمى واحد نوعان:

أحدهما: أن يدلّ عليه باعتبار الذات فقط‍، فهذا النوع هو المترادف ترادفا محضا، وهذا كالحنطة والقمح والبرّ والاسم والكنية واللّقب إذا لم يكن فيه مدح ولا ذم وإنما أتي به لمجرد التعريف.

والنوع الثاني: أن يدلّ على ذات واحدة باعتبار تباين صفاتها كأسماء الرب تعالى، وأسماء كلامه، وأسماء نبيه، وأسماء اليوم الأخر، فهذا النوع مترادف بالنسبة إلى الذات، ومتباين بالنسبة إلى الصفات، فالربّ والرحمن والعزيز والقدير والملك يدل على ذات واحدة باعتبار صفات متعددة، وكذلك البشير والنذير والحاشر والعاقب والماحي، وكذلك يوم القيامة ويوم البعث ويوم الجمع ويوم التّغابن ويوم الآزفة ونحوها، وكذلك القرآن والفرقان والكتاب والهدى ونحوها، وكذلك أسماء السيف فإنّ تعدّدها بحسب أوصاف وإضافات مختلفة، كالمهنّد والعضب والصّارم ونحوها، … وقد أنكر كثير من الناس الترادف في اللغة، وكأنهم أرادوا هذا المعنى، وأنه ما من اسمين لمسمي واحد إلا وبينهما فرق في صفة أو نسبة أو إضافة، سواء علمت لنا أو لم تعلم، وهذا الذي قالوه صحيح باعتبار الواضع الواحد، ولكن قد يقع الترادف باعتبار واضعين مختلفين يسمي أحدهما المسمى باسم، ويسميه الواضع الآخر باسم غيره، ويشتهر الوضعان عند القبيلة الواحدة، وهذا كثير ومن ههنا يقع الاشتراك أيضا، فالأصل في اللغة هو التباين وهو أكثر اللغة والله أعلم اهـ‍ (١).

وأمّا وقوع الترادف في القرآن، فقد منعه بعض العلماء، وعلى رأسهم من منع وجوده


(١) روضة المحبين ونزهة المشتاقين ص ٥٥، ونقله عنه الفتوحي في شرح الكوكب (١/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>