للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك ضعفوا وردّوا أقوالا أخرى لأجل مخالفتها للتصريف والاشتقاق، فبهما تعرف المعاني المختلفة المتشعبة من معنى واحد، فمن هؤلاء الأئمة:

١ - الإمام الطبري: فقد استعمل مضمون هذه القاعدة في الترجيح في مواضع متعددة فمن ذلك قوله في تفسير قوله تعالى: {وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: ٣٥]: وقد قيل في «التصدية»: إنها «الصدّ عن بيت الله الحرام»، وذلك قول لا وجه له؛ لأن «التصدية» مصدر من قول القائل: «صدّيت تصدية»، وأمّا «الصدّ» فلا يقال منه: «صدّيت»، إنما يقال منه «صددت»، فإن شدّدت منها الدال على معنى تكرير الفعل، قيل: «صدّدّت تصديدا» … اه‍ (١).

٢ - ومنهم جار الله الزمخشري: وسيأتي بعض كلامه في الأمثلة التطبيقية إن شاء الله.

٣ - ومنهم أبو بكر بن العربي: فهو ممن يرجح بمضمون هذه القاعدة، فإذا اختار قولا ورجحه - في أمثلة هذه القاعدة - جعل من وجوه الترجيح أن الاشتقاق أو التصريف يعضده (٢).

٤ - ومنهم القاضي ابن عطية: فهو يرجح بهذه القاعدة، فكثيرا ما يقول: ويؤيد هذا ويعضده الاشتقاق، أو يوهن هذا التصريف، أو ويردّ التصريف هذا، ونحوها من العبارات التي تدل دلالة واضحة على اعتماده لمضمون هذه القاعدة، وترجيحه بها في تصحيح أقوال، وتضعيف أخرى (٣).

٥ - ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية: ففي قوله تعالى: {اللهُ الصَّمَدُ} (٢) [الإخلاص: ٢] بعد أن ذكر الأقوال في معنى الصمد قال: قلت: الاشتقاق يشهد للقولين جميعا قول من قال: إن {الصَّمَدُ} (٢) الذي لا جوف له، وقول من قال:


(١) جامع البيان (١٣/ ٥٢٧) تحقيق شاكر.
(٢) انظر أحكام القرآن (١/ ٤٤٨)، و (٤/ ٢١٠).
(٣) انظر على سبيل المثال المحرر الوجيز (٤/ ٢٤)، و (٧/ ٣٠)، و (٩/ ١٤٨)، و (١٠/ ١٤٩) و (١١/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>