للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشواهد هذا كثيرة جدا:

منها: فهم الظلم في قول الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢] على عموم لفظه فشق عليهم ذلك حتى بين لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الظلم في الآية هو الشرك، وليس على عمومه في شمول ما ينطوي تحته من أفراد العام (١).

ومنها: منع أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - توريث فاطمة - رضي الله عنها - من أبيها - عليه الصلاة والسلام - مع عموم قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ‍ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] تخصيصا لهذا العموم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نورّث ما تركناه صدقة» (٢)، وكان احتجاج فاطمة - رضي الله عنها - وبعض الصحابة في هذه المسألة بعموم آية الميراث حتى نقل لهم هذا الحديث المخصص لعموم آية الميراث، مما يدلّ على فهمهم الطبعي للعموم من آية الميراث، وكان بحثهم عن النص المخصص لهذا العموم (٣).

وأمثال ذلك كثير جدا في احتجاجهم لأقوالهم وفتاواهم (٤) (،*).


(١) تفسير النصوص (٢/ ٧١).
(٢) متفق عليه من حديث عائشة، البخاري، كتاب الفرائض، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نورث ما تركنا صدقة»، انظر الصحيح مع الفتح (١٢/ ٧)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، حديث رقم (٥١ - ٥٢).
(٣) انظر كشف الأسرار (١/ ٦١١)، وتفسير النصوص (٢/ ٦٦).
(٤) انظر مزيدا في أصول السرخسي (١/ ١٣٥)، وكشف الأسرار (١/ ٦٠٩) وما بعدها، والموافقات (٣/ ٥١).
(*)) وفي هذه الأدلة رد على الذين ذهبوا إلى التوقف عن العمل بصيغ العموم حتى يقوم دليل عموم أو خصوص، وهذا مذهب عامة الأشاعرة وبعض المتكلمين.
وفيها رد على من ذهب إلى حمل صيغة العموم على بعض ما يقتضيه الاسم في اللغة دون بعض.
بهذا قال الجبّائي من المعتزلة، [انظر هذين المذهبين في أصول السرخسي (١/ ١٣٢)، وتلقيح الفهوم ص ١٠٧، وإرشاد الفحول ص ٢٠٢، وتفسير النصوص (٢/ ١٩)].
ويكفي في التدليل على بطلان هذين القولين، أنهما مخالفان لظواهر الكتاب والسنة، وما عليه سلف -

<<  <  ج: ص:  >  >>