للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما تمسك به القائلون بالندب من أن قوله تعالى: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}

(٢٣٦) وفي الآية الأخرى: {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (٢٤١) يدل على الندب حيث جعل هذا من باب الإحسان، إذ لو كانت المتعة واجبة وجوب الحقوق اللازمة بكل حال لم يخصص المتقون والمحسنون بأنها حق عليهم دون غيرهم، ولأطلقها على كل أحد من الناس (١).

وهذا الذي تمسكوا به لا يصلح أن يكون دليلا على صرف الأمر من الوجوب إلى الندب، بل هو كذلك دال على الوجوب؛ لأنه - تعالى - قد أمر جميع خلقه بأن يكونوا من المحسنين، ومن المتقين، وما وجب من حق على أهل الإحسان والتقى فهو على غيرهم أوجب، ولهم ألزم (٢). وما ذكر المتقين والمحسنين إلا تأكيدا لوجوبها، وليس تخصيصهم بالذكر هنا نفيا عن غيرهم، وهذا مثل قوله تعالى: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (٢) [البقرة: ٢] وهو هدى للناس كافة، كما جاء في قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنّاسِ} [البقرة: ١٨٥]، فلم يكن قوله: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (٢) موجبا لئلا يكن هدى لغيرهم، فكذلك قوله:

{حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} (٢٣٦) و {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (٢٤١) غير ناف أن يكون حقا على غيرهم (٣) (،*).

***


(١) انظر جامع البيان (٥/ ١٣٠) تحقيق: شاكر، ومفاتيح الغيب (٦/ ١٤٩)، والجامع لأحكام القرآن (٣/ ٢٠٠).
(٢) جامع البيان (٥/ ١٣٣) تحقيق: شاكر.
(٣) انظر أحكام القرآن للجصاص (٢/ ١٣٨)، وأضواء البيان (١/ ٢٨٢).
(*)) ولهذا المثال نظائر كثيرة انظر جملة منها في جامع البيان (٣/ ١٢٠ - ١٣٤)، و (١٨/ ١٣٢)، و (٢٧/ ٤٠)، والإيضاح لناسخ القرآن لمكي ص (١٦٦)، وص (١٩٦)، وأضواء البيان (٣/ ٢٢٢ - ٣٥٧ - ٤٤٢)، و (٦/ ١٦٩ - ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>