للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخلت عليها اللام ك‍ «ذلك وتلك» كانت للبعيد» (١).

فإذا تنازع المفسرون في المشار إليه باسم الإشارة القريب، فحمله على القريب أولى وأحسن، وذلك لموافقته أصل الاستعمال، ومحافظته على نظم الآية الكريمة.

قال ابن حزم: والإشارة بخلاف الضمير وهي عائدة إلى أبعد مذكور، وهذا حكمها في اللغة إذا كانت الإشارة بذلك، أو تلك، أو هو، أو أولئك، أو هم، أو هي، أو هما. فإن كانت بهذا، أو هذه، فهي راجعة إلى حاضر قريب ضرورة، وهذا ما لا خلاف فيه بين أحد من أهل اللغة، ولا يعرف نحوي أصلا غير ما ذكرنا. اه‍ (٢).

ولقد اعتمد هذه القاعدة أئمة التفسير وحرروها، ورجحوا بها، ففي تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى} (١٨) [الأعلى: ١٨] اختلف العلماء في الذي أشير إليه ب‍ «هذا» في الآية (٣).

فقال بعضهم: أشير به إلى الآيات في سبح اسم ربك الأعلى.

وقال آخرون: أشير به إلى الذي قصه الله في هذه السورة.

وقال آخرون: أشير به إلى {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى} (١٧) [الأعلى: ١٧].

وقيل: أشير به إلى القرآن.

وقيل: أشير به إلى كتب الله كلها.

قال الطبري - بعد أن حكى بعض هذه الأقوال -: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: إن قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى} (١٧) [الأعلى: ١٤ - ١٧] لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم خليل الرحمن، وصحف موسى بن عمران.


(١) انظر تفصيل ذلك في شرح التسهيل (١/ ٢٣٩، ٢٤٢ - ٢٤٣)، والجنى الداني ص ٢٣٨، وأوضح المسالك (١/ ١٣٦)، والبحر المحيط‍ لأبي حيان (١/ ٥٦).
(٢) الإحكام (٤/ ٤٤٦)، وانظر البحر المحيط‍ للزركشي (٣/ ٣٢٦).
(٣) انظر جامع البيان (٣٠/ ١٥٨)، والنكت والعيون (٦/ ٢٥٦)، والبحر المحيط‍ (١٠/ ٤٥٨)، والدر المنثور (٨/ ٤٨٨)، وغيرها من كتب التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>