للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو: جعل «من» في محل رفع عطفا على اسم الله تعالى.

ومعناه: حسبك الله وأتباعك من المؤمنين.

واختار هذا القول الفراء (١)، والنحاس (٢)، واستظهره أبو حيان (٣)، والسمين (٤)، وغيرهم.

ووجه ضعف هذا القول، بل بطلانه، أن الحسب هو الكافي، ولا يصح صرف هذا لغير الله تعالى، كالرغبة والرهبة وسائر أنواع العبادات.

وقد دلّ القرآن في آيات كثيرة على أن «الحسب» و «الكفاية» لله وحده لا شريك له فيهما، كما قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ} (٥٩) [التوبة: ٥٩] فتأمل كيف جعل الإيتاء لله ورسوله في أول الآية ووسطها، وعطف «بالحسب، الرغبة» وجعلهما له وحده، ولم يقل: حسبنا الله ورسوله، ولا إنا إلى الله ورسوله راغبون» (٥).

مما يدل بوضوح تام على أن «الحسب» خاص به تعالى لا يشركه فيه أحد.

وكقوله تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} (٦٢) [الأنفال: ٦٢] ففرق بين «الحسب» و «التأييد»، فجعل «الحسب» له وحده، وجعل «التأييد» له بنصره وبعباده (٦).

وفي أمثال هذه الآيات التي يرد فيها التفريق بين ما يجوز أن يشترك أحد معه سبحانه فيها وما لا يجوز الدلالة الواضحة على بطلان قول من جعل قوله: {وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٦٤) معطوفا على اسم الله تعالى، فيشترك المؤمنون مع


(١) انظر معاني القرآن (١/ ٤١٧).
(٢) انظر إعراب القرآن (٢/ ١٩٥)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (٨/ ٤٣).
(٣) انظر البحر المحيط‍ (٥/ ٣٤٨).
(٤) انظر الدر المصون (٥/ ٦٣٢).
(٥) انظر منهاج السنة (٧/ ٢٠٤)، وزاد المعاد (١/ ٣٦)، وأضواء البيان (٢/ ٤١٦).
(٦) زاد المعاد (١/ ٣٦)، وأضواء البيان (٢/ ٤١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>