للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمعنى على قراءة الجر: أنه يتساءل بها كما يقول الرجل: أسألك بالله وبالرحم، وبهذا فسرها الحسن، ومجاهد، وغيرهما (١).

وعلى قراءة النصب يكون المعنى بإضمار فعل تقديره: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، كذا فسرها ابن عباس، وقتادة، وعكرمة، وغيرهم (٢).

قال الطبري - بعد أن ذكر معنى الآية على قراءة الجر -: وعلى هذا التأويل قول بعض من قرأ قوله: «والأرحام» بالخفض عطفا بالأرحام على الهاء التي في قوله:

{بِهِ،} كأنه أراد: واتقوا الله الذي تساءلون به وبالأرحام، فعطف بظاهر على مكنيّ مخفوض وذلك غير فصيح من الكلام عند العرب؛ لأنها لا تنسق بظاهر على مكنيّ في الخفض، إلا في ضرورة الشعر، وذلك لضيق الشعر، وأما الكلام فلا شيء يضطر المتكلم إلى اختيار المكروه من المنطق، والرديء في الإعراب منه

والقراءة التي لا نستجيز للقارئ أن يقرأ غيرها في ذلك النصب {وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ} بمعنى: واتقوا الأرحام أن تقطعوها. اهـ‍ (٣).

وقال ابن عطية عن قراءة حمزة: وهذه القراءة عند رؤساء نحويي البصرة لا تجوز؛ لأنه لا يجوز عندهم أن يعطف ظاهر على مضمر مخفوض … قال القاضي أبو محمد: … ويردّ عندي هذه القراءة من المعنى وجهان:

أحدهما: أن ذكر الأرحام فيما يتساءل به لا معنى له في الحض على تقوى الله، ولا فائدة فيه أكثر من الإخبار بأن الأرحام يتساءل بها، وهذا تفرق في معنى الكلام وغض من فصاحته، وإنما الفصاحة في أن يكون لذكر الأرحام فائدة مستقلة.

والوجه الثاني: أن في ذكرها على ذلك تقريرا للتساؤل بها والقسم بحرمتها، والحديث الصحيح يرد ذلك في قوله - عليه السلام -: «من كان حالفا فليحلف بالله


(١) انظر جامع البيان (٤/ ٢٢٦)، والمحرر الوجيز (٤/ ٨)، وغيرهما من كتب التفسير.
(٢) انظر جامع البيان (٤/ ٢٢٧ - ٢٢٨)، والمحرر الوجيز (٤/ ٨)، وغيرهما من كتب التفسير.
(٣) جامع البيان (٤/ ٢٢٦ - ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>