للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو ليصمت» (١). اهـ‍ (٢).

والمعتدون على هذه القراءة المتواترة من النحاة والمفسرين كثر (٣)، وأقوالهم في ردّ هذه القراءة، ورد معناها ظاهرة البطلان؛ لأن هذه القراءة سبعية ثابتة، وقد أطبقت الأمة على قبولها وقبول معناها، وأن العمدة في قبول القراءة وردّها هو الرواية، لا العلل النحوية، والقياسات اللغوية، فالإمام حمزة قطعا أخذ هذه القراءة رواية، ولم يقرأ بها من اجتهاده.

قال الألوسي: فالتشنيع على هذا الإمام في غاية الشناعة، ونهاية الجسارة، والبشاعة، وربما يخشى منه الكفر، وما ذكر من امتناع العطف على الضمير المجرور هو مذهب البصريين، ولسنا متعبدين باتباعهم. هـ‍ (٤).

وقال أبو حيان: وما ذهب إليه أهل البصرة وتبعهم فيه الزمخشري وابن عطية، من امتناع العطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجار، ومن اعتلالهم لذلك غير صحيح، بل الصحيح مذهب الكوفيين في ذلك وأنه يجوز.

وقد أطلنا في الاحتجاج في ذلك عند قوله تعالى: {وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ} [البقرة: ٢١٧]، وذكرنا ثبوت ذلك في لسان العرب نثرها ونظمها (٥)

وأما قول ابن عطية: ويرد عندي هذه القراءة من المعنى وجهان. فجسارة قبيحة منه لا تليق بحاله ولا بطهارة لسانه؛ إذ عمد إلى قراءة متواترة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرأ بها سلف الأمة، واتصلحت بأكابر قراء الصحابة الذين تلقوا القرآن من في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بغير واسطة عثمان، وعلي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأقرأ الصحابة


(١) متفق عليه من حديث ابن عمر، البخاري، كتب الأيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم. انظر الصحيح مع الفتح (١١/ ٥٣٨). ومسلم، كتاب الأيمان، حديث رقم (٣).
(٢) المحرر الوجيز (٤/ ٨ - ٩).
(٣) انظر بعضهم في معاني القرآن للفراء (١/ ٢٥٢)، ومعاني القرآن للزجاج (٢/ ٦)، وإعراب القرآن للنحاس (١/ ٤٣١)، والحجة للفارسي (٣/ ١٢١)، والكشف لمكي (١/ ٣٧٥)، والكشاف (١/ ٤٩٣).
(٤) روح المعاني (٤/ ١٨٤).
(٥) انظره في البحر المحيط‍ (٢/ ٣٨٧ - ٣٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>