للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبيّ بن كعب عمد إلى ردّها بشيء خطر له في ذهنه، وجسارته هذه لا تليق إلا بالمعتزلة كالزمخشري، فإنه كثيرا ما يطعن في نقل القراء وقراءتهم … ولم يقرأ حمزة حرفا من كتاب الله إلا بأثر. وكان حمزة صالحا ورعا ثقة في الحديث

ولسنا متعبدين بقول نحاة البصرة ولا غيرهم ممن خالفهم، فكم حكم ثبت بنقل الكوفيين من كلام العرب لم ينقله البصريون، وكم حكم ثبت بنقل البصريين لم ينقله الكوفيون، وإنما يعرف ذلك من له استبحار في علم العربية. اهـ‍ (١).

وأما الإمام الطبري على - جلالة قدره - له منهج في تفسيره تجاه اختيار القراءات، وربما نظر في اختيار القراءات إلى موافقة القياس اللغوي، أو لطلب لطائف المعاني التي يستنبطها من سياق الآيات وإن لم يكن له طعن فيها من حيث الثبوت، ونحوها من العلل التي يختار لأجلها القراءة فهو إمام القراءات، وبما ثبت وما لم يثبت عالم، وهو صاحب اختيار في القراءة (٢) وله كتاب في القراءات يحيل إليه في تفسيره كثيرا، لكنه ربما تجوّز في عبارته في اختيار القراءة والعذر له في ذلك أن اجتماع الأمة على القراءات السبع أو العشر كان بعد عصره - رحمه الله -.

إذا تقرر ذلك كله، فالذي ندين الله به أنه لا يجوز ردّ قراءة ثابتة أو الطعن فيها، أو ردّ معناها، وكل من فعل ذلك فقوله وطعنه ردّ عليه، لا يعتمد ولا ينظر إليه (٣).


(١) البحر المحيط‍ (٣/ ٤٩٩ - ٥٠٠).
(٢) انظر فتح الباري (٨/ ٦٤٧).
(٣) ومن نظائر هذا المثال ما جاء في تفسير قول الله تعالى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) [الفاتحة: ٤].
انظر جامع البيان (١/ ٦٥ - ٦٦)، والحجة لأبي علي الفارسي (١/ ١٨)، والمحرر الوجيز (١/ ٧٠)، والجامع لأحكام القرآن (١/ ١٤٠)، والدر المصون (١/ ٤٨ - ٤٩).
ومنها ما جاء في قول الله تعالى: وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ [الأنعام: ١٣٧]. على قراءة ابن عامر.
انظر جامع البيان (٨/ ٤٣ - ٤٤)، ومشكل إعراب القرآن (١/ ٢٩١)، والكشاف (٢/ ٥٤)، والمحرر الوجيز (٦/ ١٥٨)، البحر المحيط‍ (٤/ ٦٥٧ - ٦٥٨)، والدر المصون (٥/ ١٦٢) وما بعدها والنشر (٢/ ٢٦٣) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>