للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل توجيه ابن جني لهذه القراءة بقوله: قال أبو الفتح: كأنه قال: أو بما يكفي مثلهم فهو على حذف المضاف بتقدير أو ككفاية إسوتهم، قال: وإن شئت جعلت الأسوة هي الكفاية فلم تحتج إلى حذف المضاف.

قال القاضي أبو محمد - معلقا على هذه القراءة الشاذة، وعلى توجيه ابن جني -: وفي هذا نظر، والقراءة مخالفة لخط‍ المصحف، ومعناها على خلاف ما تأول أهل العلم من أن الحانث في اليمين بالله مخير في الإطعام أو الكسوة أو العتق. اهـ‍ (١).

٣، ٤ - ومنهم الحافظ‍ ابن حجر، والعلاّمة الشنقيطي: فقد قررا هذه القاعدة في معرض جوابهما عن دلالة القراءة الشاذة في قول الله تعالى: {فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما} [البقرة: ١٥٨] وهي: {فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما} وبها قرأ عليّ، وابن عباس، وابن مسعود، وأبي بن كعب وغيرهم (٢).

ودلالتها أن الطواف بين الصفا والمروة سنة لا يجب بتركه شيء.

وهذا قول ابن مسعود، وأنس، وابن عباس، وعبد الله بن الزبير، وغيرهم، وهو رواية في مذهب الإمام أحمد (٣).

قال الحافظ‍ ابن حجر - بعد أن نقل توجيه الإمام الطبري لهذه القراءة: وقال غيره:

لا حجة في الشواذ إذا خالفت المشهور. اهـ‍ (٤).

وقال العلاّمة الشنقيطي - معقبا على هذه القراءة الشاذة، ومعناها الذي دلت عليه -: إن هذه القراءة لم تثبت قرآنا لإجماع الصحابة على عدم كتبها في المصاحف العثمانية، وما ذكره الصحابي على أنه قرآن، ولم يثبت كونه قرآنا، ذهب كثير من أهل العلم إلى


(١) المحرر الوجيز (٥/ ١٧٨). وقد أضاف ابن عطية إلى الترجيح بهذه القاعدة ترجيحا آخر، وهو ما عليه الإجماع الفقهي في أنواع الكفارة.
(٢) انظر المحتسب (١/ ١١٥)، وجامع البيان (٢/ ٤٩).
(٣) انظر جامع البيان (٢/ ٤٩ - ٥٠)، والمغني لابن قدامة (٥/ ٢٣٩)، والجامع لأحكام القرآن (٢/ ١٨٣)، والمجموع للنووي (٨/ ١٠٤)، وأضواء البيان (٥/ ٢٣٠).
(٤) فتح الباري (٣/ ٥٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>