للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جمع وصنف فأبدع. ومنهم مَن هذّب فحرّر وأجاد، وحقق المباحث فوق ما يراد. وأذاق حلاوة الشريعة لذوي الألباب، وفتح للحرج المدفوع أحسن باب. بسياسة شرعية، أساسها المصلحة المرعية. وما ذكرناه عنوان، عما لهم من المزية وعلو الشأن. ولا نسبة بينه وبين ما يجهل، وأقل من معشار ما عنه يغفل. فبحار المدارك مسجورة، وغايات الإحسان عن الإنسان مهجورة، مع قلة البضاعة، والتطفل على هذه الصناعة، فالحمد لله الذي يسّر هذا القدر، مع تكدر منهج الصدر، وشواغل القضاء عائقة، وأحوال عن مثل هذا متضائقة، ورحم الله القائل:

طبعت على كدر وأنت تريدها ... صفواً من الأسواء والأكدار

ومكلف الأيام ضد طباعها .... متطلب في الماء جذوة نار

ورحم الله القائل:

من رام في الدنيا حياة خلية ... من الهم والأكدار رام محالا

وهاتيك دعوى قد تركت دليلها ... على كل أبناء الزمان محالا

وقد قيل: مَن صنف قد استهدف. وعليه فالمرجو ممن وقف عليه وسرح ألحاظه، أن يسامح نسيجه ولا ينتقد ألفاظه، وأن يصلح ما يجد من الخلل. وأسأل الله التوفيق لإخلاص النية في القول والعمل، وأن يجعله من شوائب الرياء سالماً، وينفع به نفعاً عميماً دائماً، وخير أعمال لا تدرس ولا تبلى، وينفع صاحبها يوم تحشر السرائر وتبلى. هذا وقد قال بعض العلماء: إن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" يدخل فيه الانتفاع بالتأليف لأنه مظنة عدم انقطاع الانتفاع وقد قيل: طوبى لمَن عرف المصير، وشمر زمانه القصير، في اكتساب منفعة تبقى بعده شهاباً، وتخليد محمدة تورثه ثناءً وثواباً. فالذكر الجميل كلما تخلد استدعى الرحمة وطلبها، واستدنى الراحة وجلبها. وإلى جناب الله الرفيع أستند، وعليه في كل أموري أعتمد. وبعزته ألوذ، وبه أستعين ومن كل أفاك وحسود أعوذ. اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وعمل لا يرفع، وقلب لا يخشع، ودعاء لا يسمع، ونفس لا تشبع، وصلّى الله على سيدنا محمَّد خاتم النبيين وإمام المرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>