في آخر التتمة، سالكاً في ترتيب ذلك أقرب الطرق والمسالك، ذاكراً علماء كل طبقة على نسق من كل مملكة من المالك، مرتباً ذلك فريقاً بعد فريق، والله ولي الإعانة والتوفيق، مبتدئاً بنبي الرحمة، وينبوع كل فضيلة وحكمة، سيدنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وشرف وكرم، ثم بسادات من الصحابة الأعلام، ثم بأئمة من التابعين الكرام، ثم بأربعين حديثاً ثنائيات، مروية في الموطأ عن أولئك السادات، ثم بمالك إمام دار الهجرة طابه، خير مَن أمّ المطي رحابه، ثم بطبقات الأئمة الأعيان، طبقة بعد طبقة إلى هذا الزمان، والراوي إما أن يكون في الطبقة التي شيخه فيها، أو في الطبقة التي تليها، فارتباط الرواة في كل طبقتين، كارتباط القمرين النيرين.
ورتبته على مقدمة فيها سبع فرائد اشتملت على كثير من الجواهر الثمينة والفوائد. ومقصد به سبع وعشرون طبقة ترتيبها على نحو ما أشرت إليه، وعولت في تهذيبها عليه. وختمته بخاتمة قيمة في تاريخ فنون السنة، وأسأله التوفيق لما أمر به وسنّه. وتتمة في طبقات أمراء إفريقية، هي في الحقيقة خلاصة نقية، اشتملت على فوائد تاريخية، وتنبيهات لها أهمية. غاية في التحرير، والتقرير والتحبير، جديرة بالاعتبار، عند ذوي الأنظار، وعلى خلاصة الأدوار والأطوار، التي حصلت لدول إفريقية وما لها من الآثار. وخاتمة في خصوص الكلام على المنستير، وهو مسقط رأس العبد الفقير، ومنبت غرسه، ومجمع أهله وأنسه. ثم لخصت المقصد في صورة شجرة، بعبارات وجيزة محررة، أغصانها بالدر يانعة، وثمراتها طيبة نافعة، وأنوارها ساطعة لامعة، روضها كله زهر، وسلكها كله درر، شجرة تقتبس أنوارها، وتجتنى ثمارها وأزهارها، لم تزل من البركة والسمو في النماء، أصلها ثابت وفرعها في السماء، طابت أصلاً، وزكت فرعاً وفصلاً، وسميته (شجرة النور الزكية، في طبقات المالكية) والباعث على تلخيصه على نحو ما ذكرناه، والنمط الذي اخترناه، هو التوصل بسهولة للأسانيد عند المطالعة، وليكون المطالع على يقين بعد المراجعة. فجاء تأليفاً جامعاً لما انتشر، وموضوعاً بارعاً ناظماً لما انتثر، على أسلوب غريب، ومنزع عجيب، راق مجتلاه ومجتناه، في الحسن والإحسان لفظه ومعناه، وعلم الشريعة كما هو معلوم على طبقات، ولأصحابه فيما بينهم درجات، والمترجم لهم هم سادات السادات، سباقو غايات، وأساطين روايات، وأئمة في العلوم والمعارف، والرقائق والمواعظ واللطائف، فمنهم الخلفاء، والملوك والأمراء. ومنهم قضاة العدل، والقراء والمحدثون المشهود لهم بالعلم والعمل والفضل، ومنهم الفقهاء المعتكفون على مطالعة المسائل، واعمال النظر لتحريرها بأكمل الوسائل، والتقاط المسائل من الدلائل. فمنهم مَن أصَّل وفرَّع، ومنهم مَن