للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان من الفقهاء وأعلام الفضلاء إمام الأئمة عالي الهمة مع جاه لم يشاركه فيه أحد غير أنه بخيل به، أخذ عن أعلام منهم علي العفيف وحمدة الشاهد والشاذلي بن صالح، مولده سنة ١٢٥١ هـ وتولى الفتيا سنة ١٢٩٢ هـ ثم رياستها سنة ١٣٠٢ هـ ثم الإمامة الكبرى بجامع الزيتونة سنة ١٣٠٧ هـ وتوفي على ذلك عالي الكتب آمن السرب في جمادى الثانية سنة ١٣٣٧ هـ[١٩١٨ م] وكانت جنازته مشهودة حضرها الأمير فمَن دونه ورثاه جماعة منهم شيخنا حمودة تاج بقصيدة بارعة بها سبع وأربعون بيتاً أولها:

سابق الفردوس نجل المصطفى ... حل فيه باحتفال واصطفا

وآخرها بيت التاريخ:

إذا أتاك الفأل من مؤرخ ... سابق الفردوس نجل المصطفى

١٦٨٨ - شيخنا أبو محمَّد حمودة بن محمَّد تاج: تاج الأذكياء والبلغاء ولسان الأدباء والشعراء بحر المعارف وبدر اللطائف ومعدن الملح والطرف وينبوع النكت والتحف ذو الفكر الثاقب والرأي الصائب والشعر الرائق والنثر البليغ الفائق مع كرم سجية ونفس أبية وما أدري ما أقول لأني عاشق له والعاشق معذور فيما يقول، تحمل العلم عن فحول لازمهم مدة مديدة واستفاد منهم علوماً عديدة منهم حسين بن أحمد وسالم بو حاجب وعمر ابن الشيخ والشاذلي ابن القاضي ومحمد النجار وعمار بن سعيدان، تصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وانتفع به جماعة، قرأت عليه الشيخ خالد على الأجرومية وشرح القطر لمؤلفه وشرح الماكودي على الألفية من أوله إلى منتصفه والسلم والكافي والسمرقندية ولامية الأفعال وفي أثناء قراءة القطر طرأ علىّ ما أوجب السفر إلى المنستير مسقط رأسي ومنبت غرسي ومجمع أهلي وأنسي وهو المرض الذي لوالدي عرض ولما بلغه الترحال بعث في الحال كتاباً يقول فيه بالحرف الواحد: الجناب الذي أنار بالأفق العلمي هلاله وحمدت في مدارجه خلاله فما برح فيومه خير من أمسه وفجره مؤذن ببلوغ شمسه، جناب أخينا الفاضل الشيخ سيدي محمَّد مخلوف أمنه الله من كل مخوف، أما بعد سلام يلطف مزاره ويترنم على دوح المودة هزاره، فقد بلغني النبأ الذي أجزعكم وأوجب جزعكم ما ألمّ بوالدكم عافاه الله من الألم وحكم بذلك رب اللوح والقلم وهو يا بني وإن ردع سر بي وكدر بشهادة سركم شربي إلا أني أرجو من الكريم سبحانه أن تنطفىء بعين الألطاف ناره وتمحى في قليل من الأيام آثاره:

عسى الكرب الذي أمسيت فيه .... يكون وراءه فرج قريب

<<  <  ج: ص:  >  >>