وكأني بالعافية وقد ضربت عليه قبابها وأذاقته بإذن الله لبابها والله المسؤول أن يصحب كتابي هذا بعاطر الأرج من نسيم السلامة والفرج لا مسؤول سواه. حرره حمودة بن محمَّد تاج في رجب سنة ١٣٠٢ هـ. ثم انتظم المترجم في سلك العدلية وتدرج حتى صار رئيسها بالقسم الجنائي وتوفي عليها حميد السيرة طيب السريرة في صفر سنة ١٣٣٨ هـ[١٩١٩ م] ورثاه صديقه الملاطف المملوء الوطاب بالآداب والمعارف العلامة الفهّامة الشيخ محمَّد بن يوسف المفتي الحنفي بقصيدة وبيت التاريخ:
ودونك ما أمليت فيه مؤرخا ... إلا بعُلى الفردوس طالت منازله
ورثاه تلميذه العلامة الشاعر المطبوع الحامل راية المنقول والمسموع أخبرنا الشيخ محمود موسى المفتي بالمنستير بقصيدة رائقة أولها:
كدر الصفو عندنا من نعاك ... رفع الصوت جهرة وعناكا
١٦٨٩ - أبو الفلاح الشيخ صالح الشريف: علامة الزمان واحد الأقران المشار إليهم بالبنان في المعارف والبيان زين الأكابر الأماثل ورأس الأعيان الأفاضل ومقصد الملتمس والسائل. كانت له في العلم منزلة عالية مع همة سامية غيوراً متين الدين شديد الحرص على مصالح المسلمين. أخذ عن جلة منهم الشيخ حسين بن أحمد وانتفع به وحصلت له بركته وحضر الدروس التي حضرتها عليه والشيخ سالم بو حاجب والشيخ عمر ابن الشيخ والشيخ محمَّد بن يوسف والشيخ محمَّد النجار، جد في الطلب حتى بلغ الغاية في العلم والأدب وتصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وختم الكتب العالية وحصلت له بذلك منزلة سامية وصار من أعيان شيوخ الطبقة الأولى ونجب عليه جماعة صاروا من أعيان المدرسين وأعاظم النابغين منهم الشيخ محمَّد الطاهر بن عاشور والشيخ محمَّد الخضر بن الحسين والشيخ صالح المالقي والشيخ محمَّد ابن الحاج ثم تخلى عما لديه من الخطط النبيهة ورحل للمشرق وطاف البلاد واستفاد وأفاد وأقام بدمشق وبها ظهر علمه واشتهر فضله وفهمه ودخل الآستانة ومنح وظيفة مرشد ولما قامت الحرب على ساق بطرابلس بين تركيا وإيطاليا سنة ١٣٢٩ هـ كان في صف المجاهدين ثم وضعت الحرب أوزارها بصلح تسبب عنه احتلال إيطاليا لها وبعد ذلك قامت الحرب الكبرى على ساق وكان في صف المقاتلين وبعد أن وضعت الحرب أوزارها استقر بسويسرة ومات بأحد