للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين توفي وهو عنهم راض وكان في قريش يوصون إليه ويعظمونه وكانت المرأة في العرب لترفع صبيها وهي تقول:

أحبك والرحمن ... حب قريش عثمان

وكان عادلاً في بيت المال لا يأخذ لنفسه منه شيئاً لأنه كان غنياً وغناه مشهور في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعده كثير الإنفاق في نهاية الجود والسماحة والبذل في القريب والبعيد وكان من أكبر المساعدين للنبي - صلى الله عليه وسلم - بكثير من ماله عند شدة احتياج الإِسلام إليه ومآثره في ذلك مشهورة جهز في جيش العسرة ثلاثمائة بعير بأسلاحها وأقتابها وأنزل الله فيه {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢)} [البقرة: ٢٦٢] روى الحكم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: اشترى عثمان الجنة من النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتين حين حفر بئر رومة وحين جهز جيش العسرة ولما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة لم يكن بها ماء مستعذب غير بئر رومة فقال - صلى الله عليه وسلم -: مَن يشتر بئر رومة يجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة؟ فاشتراها عثمان - رضي الله عنه - بخمسة وثلاثين ألف درهم وجعلها للمسلمين وكانت بقعة إلى جنب المسجد فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مَن يشترها ويوسعها في المسجد فله مثلها في الجنة. فاشتراها عثمان - رضي الله عنه - بعد ذلك فوسعها في المسجد وقال - صلى الله عليه وسلم -: رحم الله عثمان تستحيه الملائكة وكان كثير العتق للرقاب وجملة ما أعتقه ألفان وأربعمائة وكان يطعم طعام الإمارة ويدخل بيته ويأكل الخل والزيت وينام في المسجد ورداؤه تحت رأسه ويخطب الناس وعليه رداء غليظ ثمنه أربعة دراهم أو خمسة يصوم النهار ويقوم الليل ويختم القرآن في ليلة. كان ذا عقل رصين وشرف أثيل وعلم غزير ولم ينقل عنه الكثير منها لاشتغاله بغير ذلك شديد الحياء والحلم مائلاً إلى السلم زاهداً في الدنيا فقد صحّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "رحمك الله يا عثمان ما أصبت من الدنيا ولا أصابت منك".

ومن أعظم آثاره جمعه الناس على مصحف واحد بعد أن تعددت القراءات واختلف فيها أهل الأمصار. وفضله في ذلك كفضل أبي بكر - رضي الله عنه - في جمع القرآن وقد مرّ بيان ذلك في مقدمة هذا المؤلف وكثرت الفتوحات في مدته فقد فتح إفريقية وسواحل الأردن وسواحل الروم وإصطخر وطبرستان وسجستان والقوقاز وغير

<<  <  ج: ص:  >  >>