للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجوائح عليها بدخول العرب لها على ما يأتي ذكره فلم يبق فيها إلا أطلال دارسة وآثار طامسة، وقال: تولى المعز وهو ابن سبع أو ثمان سنين وتربى في حجر وزيره أبي الحسن بن أبي الرجال وكان عالماً ورعاً زاهداً وكانت إفريقية أكثرها على مذهب الشيعة وخلاف السنة والجماعة فحرض ابن أبي الرجال المعز وأدّبه وأدله على مذهب مالك وعلى السنة والجماعة والشيعة لا يعلمون ذلك ولا أهل القيروان فخرج المعز في بعض الأعياد إلى المصلى وهو في زينته وحشوده وهو غلام فكبا به فرسه فقال عند ذلك أبو بكر وعمر فسمعته الشيعة التي كانت بعسكره فبادروا إليه ليقتلوه فجاءه عبيده ورجاله ومَن كان يكتم السنة من أهل القيروان ووضعوا السيف في الشيعة. قال أبو الصلت: فصاح بهم في ذلك الوقت صائح الموت فقتلوا في سائر بلاد إفريقية ولم يزل المعز يعمل فكره في قطع دعوتهم وفي سنة ٤٤٠ هـ قطع المعز الخطبة لصاحب مصر. قال ابن شرف: أمر المعز بأن يدعى على منابر إفريقية للعباس بن عبد المطلب وتقطع دعوة العبيديين وأمر بلعنهم في الخطب وسبهم بأشنع السب وأمر بتبديل السكة على أسماء بني عبيد فنقش الوجه الواحد: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥)} وفي الوجه الآخر: "لا إله إلا الله محمَّد رسول الله" وأمر بسبك ما كان عنده من الدنانير التي عليها أسماء بني عبيد وكانت أموالاً عظيمة ثم بعث في الناس من قطع سكتهم وزوال أسمائهم من جميع الدنانير والدراهم وغيرها وتم الأمر بذلك سنة ٤٤١ هـ ولما آل الأمر إلى التصريح بلعنة بني عبيد على المنابر وأمر المعز بقتل أشياعهم أباح بنو عبيد للعرب بمجاز النيل وكان قبل ذلك ممنوعاً لا يجوزه أحد من العرب ثم أمر لكل جائز منهم بدينار فجاز منهم خلق عظيم من غير أن بأمرهم بشيء لعلمه أنهم لا يحتاجون لوصية فجازوا أفواجاً ووصلوا إفريقية وكان وصولهم الداعية العظمى والمصيبة الكبرى وبعد حروب وأهوال في أخبار طوال فرّ المعز بما خف إلى المهدية. انتهى ابن عذاري. وقال ابن خلدون: إن ملوك صنهاجة فسدت طباعهم أواسط المائة الخامسة واستمرت لهم الدولة متقلصة الظل بالمهدية حتى تأذن الله بانقراضهم وجاء الموحدون بقوة قوية من المصامدة فمحوا آثارهم انتهى.

وفي المعجب كانت القيروان دار ملك المسلمين بإفريقية منذ الفتح لم يزل الخلفاء من بني أمية وبني العباس يولون عليهم الأمراء من قبلهم إلى أن اضطرب أمر بني العباس واستبد الأغالبة بملك إفريقية بعض الاستبداد فاتخذوا القيروان دار ملكهم فلم يزالوا بها إلى أن أخرجهم عنه ابن وعبيد وملوكها ثم ولوا عليها حين ارتحلوا زيري بن مناد الصنهاجي فلم يزل زيري وبنوه ملوكاً عليها إلى أن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>