بشرى له إذ جاء في تاريخه ... يا حسن حور زينت لمحمد
وأطال الثناء عليه الوزير حمودة بن عبد العزيز في باشية بما هو أهله وبعد انتقاله للدار الآخرة اجتمع أهل الحل والعقد على بيعة أخيه الأمير الباشا علي ولما تمت له أقر رجال دولة أخيه على مناصبهم وقرر الأمور على ما كانت عليه واستعمل من الرفق والحنان ما جلب به جمع القلوب واصطفى بمجلسه العلماء ودخل في زمرتهم ما يوسعهم براً وإكراماً مؤدياً لحقوق احترامهم الواجب مع ما له من الذكاء والمشاركة في العلوم وحب المحاورة وملازمة صحيح البخاري بنفسه وحصل على إجازات عامة من الشيخ عبد الحفيظ تلميذ الشيخ أحمد بن نصر وغيره وبالجملة فإنه كان ملكاً شجاعاً عاقلاً ذا صيانة وعفاف ونجدة وحلم وكرم أقام في دولته سوق العلم والأدب فكثرت فيه الشعراء وتنافسوا في مدائحه بدواوين من الشعر وأولاهم من الجوائز والصلات ما هو كثير أفرد له وزيره أبو محمد حمودة بن عبد العزيز تأليفه الباشي في مجلد ضخم جمع فيه مفاخر مملكته ودولته واستوفى من خصاله الحميدة وقصائد مديحه ما لم يخطه غيره من المؤرخين وفي سنة ١١٧٣هـ ثار عليه إسماعيل ابن الأمير يونس وتحصن بجمال شيعتهم من قبل وكانت له حروب معه شاقة بجمال ووسلات وآل الأمر إلى فراره وانحلال عرى عصابة أهل وسلات وبعدما دانوا له بالطاعة فرقهم على قرى إفريقية وأصبح جبلهم خاوياً على عروشه من يومئذ إلى هذا العهد وأما إسماعيل المذكور فإنه فر إلى الجزائر وتوفي هناك سنة ١١٨٤هـ ووقع بينه وبين دولة فرنسا حرب ثم وقع صلح بينهما، من مآثره الأثيرة الخالدة مدرسته الشهيرة وتربته حذوها وهي مدفن آل هذا البيت إلى هذا العهد ومنها تكيتان مشهورتان للفقراء والمساكين وبناء المحكمة الشرعية والمياه العذبة التي أجراها للحاضرة وبناء سور القيروان ونظم مكتبة بالكتب أنيقة بمسجد دار الباشا حصل بها النفع وغير ذلك ومن مآثره بالمنستير الإصلاحات بالجامع الأعظم وتأسيس الجامع الحنفي وبناء سور الربط لجوفي وبناء مقام الإمام المازري بعد نقله من مدفنه الأول وإقامة مدرس به وبناء مقام أبي علي يونس بن السماط بعد نقله أيضًا من مدفنه الأول وفي أيامه وقع إبطال تولية القضاء من الحضرة العلية ونصب قاضياً حنفياً من الحاضرة وقاضياً مالكياً يفصلان ما خف من القضايا ويراسلان بما أشكل عليهما المفتين من المذهبين ويعقد في كل أسبوع مجلساً لفصل تلك القضايا