الجهاد الذين توجهوا لدار الخلافة الإِسلامية فتلقاها بغاية البر والإنعام والمبرة والإكرام وأسقط على الرعية الكثير من الإداآت والضرائب وساعده البخت بحصول الخصب العظيم الذي بعد العهد بمثله واجتهد في تأمين الرعية في الحواضر والبوادي وحصل بذلك الاطمئنان واعتنى بالمجلس الشرعي فبنى دار الشريعة المطهرة وجعل الحكم فيها يومياً يحضر هناك القاضيان المالكي والحنفي ويحضر مع كل واحد منهما في كل يوم مفت من شيوخ مذهبه ويجتمع جميع أهل المجلس في كل يوم خميس وفتحه في الخامس عشر من ربيع الأنور سنة ١٢٧٣هـ وهو الذي أمر بجلب ماء زغوان للحاضرة وإقامة مجلس بلدي بها وبنى بين قصور باردو قصراً تجار دونه الألباب أتى فيه من بدائع الأبنية بالعجب العجاب وهو الآن خزينة الآثار العتيقة والتحف المستظرفة ويعرف بالمتحف العلوي وهو أول من ضرب سكة الذهب وكانت قبل مسكوكات الفضة والنحاس لا غير وفي محرم سنة ١٢٧٤هـ أصدر منشور عهد الأمان لسائر السكان في حفظ النفس والمال والعرض وعم بذلك أهل الملل الملك وجمع أعيان العلماء ورجال الدولة للمفاوضة في هذا العهد، وفي سنة ١٢٧٦هـ صدر الإذن بتأسيس مطبعة لصحف الأخبار والكتب وكان شهماً ثبتاً حازماً بحاثاً على الرعية كثير العطايا سليم الطوية وتوفي في صفر سنة ١٢٧٦هـ وانعقدت البيعة بعده لأخيه المولى المشير محمد الصادق باشا باي وأعمل الحزم في إنجاز مشروع أخيه بإتمام القوانين التي انبنى عليها عهد الأمان وجمع خاصة العلماء والأعيان فاستكملوا وضعها، وفي صفر سنة ١٢٧٧هـ خرج من مملكته إلى الجزائر حين قدم إليه امبراطور فرنسا لإحكام علاقة المجاورة بين المملكتين وأكرم الأمبراطور نزله ولما رجع رتب المجالس لتنفيذ قانون عهد الأمان وفي السنة كان نشر جريدة الرائد وفي السنة بعدها وصل ماء زغوان للحاضرة وفي سنة ١٢٨٠هـ رتب إعانة قدرها اثنان وسبعون ريالاً على عموم الأفراد وصدرت بذلك أوامره وحين انتشر هذا الخبر بالمملكة لم يقع قبولها واختلف صنيع الأهالي فالعقلاء رفعوا الشكوى طالبين التخفيف وغيرهم ولا سيما الأعراب وسكان الجبال تجاهروا بالعداوة وأشهروا السلاح وتعمدوا البغي والفساد في البلاد وزعيم هاته الطائفة علي بن غزاهم أصله من ماجر واشتدت بذلك وطأة الاضطرابات والإحن والهرج والفتن وقامت المملكة على ساق حتى صارت دار حرب وإذ ذاك صدر أمره بإيقاف العمل بقانون عهد الأمان وإسقاط إعانة الاثنين والسبعين ريالاً وخرج الوزير رستم بمحلة في طلب رئيس البغاة علي بن غزاهم ووقع القتال بين الفريقين وآل الأمر إلى انهزام البغاة وفرار علي بن غزاهم إلى خارج حدود المملكة وخرج الوزير أحمد