زروق إلى الساحل بمحلة هو أميرها ووصل الساحل في جمادى الأولى من السنة وانتصر على البغاة وظفر بالرؤساء منهم الدهماني البوجي وقتلهم وقدم عليه وفود أهل الساحل منقادين نادمين من جملتهم وفود المنستير يؤمهم العلماء أهل المجلس الشرعي فقابلهم بشدة وحكم الأغلال في أعناقهم وأرجلهم وأولهم رئيس المجلس الشرعي الشيخ أبو عبد الله محمد الجدي بوزقرو وشدد تنكيله وأمر بإزالة عمامته في ذلك لمجلس بلفظ مستهجن ووفد صفاقس فقابلهم بأقل من مقابلة أهل المنستير ورئيسهم الشيخ عبد العزيز الفراتي وسجنهم في جملة من سجن وحكم يد النهب في الأموال وتفنن في سلبها حتى بلغ السكين العظم والسيل الربا فكأنه مأمور بإيقاد فتنة من جمر رمادها وأغرمهم أموالاً أفنت الطارف والتالف ورهنوا أملاكهم عند الوافدين على المملكة وعند طائفة من اليهود وأصبحت بلاد الساحل خاوية على عروشها وذهب هذا الصقع الذي هو عمران هاته المملكة كأمس الدابر ولم يبق به إلا من هو مثقل بالديون ويده فارغة من الكسب ثم ذهب بحملته لصفاقس وقابس ثم رجع لتونس بعد استيفاء ما أفنى اللحم والشحم وانتهى إلى العظم وللشيخ مصطفى بن عزوز المذكور بهذه الطبقة يد في إطفاء هاته الثورة بتوسطه بين الدولة وابن غزاهم المذكور وازدادت المصائب وتكررت النوائب في سنة ١٢٨٤هـ والسنة بعدها بحصول المجاعة التي بعد العهد بمثلها والمرض الذي أفتك بكثير من الأهالي حتى صار وبائياً ولم يستقم حال البلاد والعباد إلا بعد عشرات من السنين ولهاته الأسباب صارت مالية الدولة في خطر من الديون التي تراكمت عليها وتداركها بتركيب لجنة تعرف بالكمسيون المالي رئيسها الوزير خير الدين وذلك سنة ١٢٨٦هـ وفي سنة ١٢٨٤هـ أمر بصنع نيشان عهد الأمان وفي سنة ١٢٨٧هـ قسم إدارة الدولة إلى أقسام وهي الوزارة الكبرى ووزارة المال ووزارة العمالة ووزارة الخارجية ولها النظر على الحرب، وفي سنة ١٢٨٨هـ وجهت له الدولة العلية بواسطة الوزارة الخيرية فرمانها العالي مع سيف مرصع ونيشان مجيدي وفي سنة ١٢٨٩ هـ أذن بمجلس النظافة يجري عمله على مقضى قانون ذي فصول وفي السنة بعدها أقام مجلساً للصحة يجري عمله على مقتضى قانون ذي فصول وفي سنة ١٢٩١هـ جعل قشلة العطارين سجناً وجعل له حفظة لتنظيفه وأجرى عليه مؤنة كافية وجعل لذلك قانوناً خاصاً وفيها جعل قانوناً للفلاحة وفيها أضاف إلى خزائن جامع الزيتونة ست خزائن وملأها بالكتب النفيسة وأجراها على قانون المشير أحمد باشا وصار به أكثر من عشرة آلاف مجلد وفي السنة أحدث مكتباً عاماً أوقف عليه أوقافاً لها بال وسمي بالصادقية وأجراه على نظام المكاتب الحديثة لتعليم أبناء الأهالي العلوم الدينية