غير قليل من نفائس الكتب في فنون من العلوم الدينية والعصرية. وعلى عهده كان تجديد منارة جامع الزيتونة فجاءت على أبدع شكل وأجمل منظر وكان الاحتفال عند انتهاء البناء في ٢٦ رمضان سنة ١٣١٢هـ حضره هذا الأمير وآل بيته والخاصة والجمهور وأرخها شيخنا أبو النجا سالم بو حاجب وكتب ذلك على جدرانها في قصيدة أولها:
نال فوزاً بمناه كل ساع ... كي يرى شمول فضل ذي اتساع
في بيوت أذن الله بأن ... ترفع الأركان فيها ليطاع
ومنها في مدح هذا الأمير:
ثم في أيام مولانا الذي ... ملأت غرُّ مزاياه الرقاع
حضرة الباشا عليّ من له ... في قلوب الخلق للود ازدراع
ومنها بيت التاريخ:
ولسان الصدق قد أرخه ... لمنار الدين حق الارتفاع
قيل إن هذا الجامع لا يخلو من رجل موصوف بعلم ظاهر أو شرف زاهر أو صلاح باهر ولهذا الأمير تأليف سماه مناهج التعريف بأصول التكليف وتوفي في ربيع الأول سنة ١٣٢٠هـ وبويع لابنه المولى محمد الهادي باشا باي وكان شهماً هماماً عالي الهمة كريم الأخلاق ذكياً ميالاً للعدل ومحبة العلماء وعلى عهده كانت زيارة رئيس الجمهورية الفرنسوية للإيالة التونسية المفخم مسيو لوبي في أبريل سنة ١٩٠٣هـ الموافق لأوائل سنة ١٣٢١هـ وأقام ثلاثة أيام كانت مواسم بواسم ورد له هذا الأمير الزيارة في صائفة العام التالي وما حصل لهذين الزائرين جمع في مجلد وتوفي في ربيع الأنور سنة ١٣٢٤هـ وارتقى كرسي المملكة الأمير المحبوب المولى محمد الناصر باشا باي ابن المشير محمد باشا باي وعلى عهده في ٢٥ شعبان سنة ١٣٢٨هـ صدر منشور من الشيخ القاضي المالكي محمد القصار لقضاة الجهات بثبوت الأهلة على طريق سلك البرق وجرى به العمل وهذا المنشور خلد له جميل الذكر وفي سنة ١٣٢٩هـ كانت الدولة العلية في حرب مع إيطاليا في طرابلس وانتهت باحتلالها لهاته الأيالة وفي السنة بسطت دولة فرنسا حمايتها على المغرب الأقصى وفيها كانت زيارة فخامة رئيس الجمهورية الفرنساوية مسيو فليار للمملكة التونسية فقوبل بالتبجيل والتكريم وللعالم المؤرخ محمد ابن الشيخ الأكتب البشير بن الخوجة تأليف حافل في هاته الرحلة في مجلد سماه