الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى. أما بعد، فقد وقفت على هذا المدون الجامع، والتاريخ الذي يتدفق إفادة بلا مدافع. فشكرت سعي مؤلفه العالم النحرير، وهمة جامعه الدراكة البدر المنير. ولعمري إن الاعتناء بجمع تراجم أعيان الملة، وفضلاء الأمة. لمن المتعين على الخلف، قياماً ببعض ما يحب لرجال السلف. فهم آباؤنا في الدين، والوسائط بيننا وبين سيد المرسلين. فحفظ آثارهم يعين على الاقتداء بمناهجهم. ولذا ورد أن من أرخ مؤمناً فكأنما أحياه وذلك لأن بإحياء ذكره وهممه يقوى الانبعاث على الاقتداء بهداه. فنعم السفر المسطور، والعمل المبرور. فما على المؤلف حفظه الله تعالى بعد التعب، وطويل النصب، إلا إذاعة هذه المجموعة، وعدم إبقائها عن الاستفادة ممنوعة. فإن الخير النافع يجري مجرى المياه في تعميمها ووقوع الحياة بها من غير مدافع. وبما تحقق لي من فضل المؤلف وبراعته وسموّ مداركه وحسن سمعته قلت إجابة لمطلبه وإسعافاً لرغبته: أجزت العلامة القاضي المؤرخ الأديب محمَّد بن محمَّد مخلوف ... انتهى محل الحاجة.
...
ومما جادت به قريحة فضيلة شيخي بالإجازة العلامة النظار كريم النجار الشيخ سيدي بلحسن النجار المفتي المالكي بقطر إفريقية حفظه الله وشكره.
نحمد الله ونشكره، ونصلي على سيدنا محمَّد وآله وصحبه صلاة طيبة مباركة، ونسلم تسليماً.
أما بعد؛ فإن همم عظماء الرجال تتجلّى في آثارهم، ونتبيَّن من إخلاصهم في عملهم وإن تأليفك الجليل، وصنعك الجميل المسمى "شجرة النور الزكية في طبقات المالكية" قد تمثّلت فيه نفسك المالية، ومعارفك الفيّاضة، وإخلاصك السامي في أجلى المظاهر وأجملها.
طالعته فوجدت منه مَعلَمة في رجال المذهب المالكي، من أحسن ما أُخرج للناس من كتب الفهارس والتراجم والطبقات في أسلوب مبتكر ولفظ منسجم.