منزلته بجماله المستفاد من طريق العرض وحسنه المكتسب بالصنعة.
[المطلب الثالث: فائدة التضمين]
أن تؤدي كلمة مُؤدى كلمتين فالكلمتان مقصودتان معاً قصداً وتبَعاً، فإذا استُعمل اللفظ في غير ما هو له فقد أضاف معنى إلى أصله، وجاز به موضعه إلى مواضع أُخر من دلالاته، فيكون كل مُنصرَف ينصرف إليه متصلا بأصله.
فالوقوف على ظاهره وطرفِ منه يقطعنا عن مذاق طعم الاتصال، طعم الجمع بين طعومه ومذاقاته.
فمرة يكون المذكور أصلا، والمحذوف المقدر فرعا:(وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) أي لتكبروا اللَّه حامدين على ما هداكم.
ومرة يكون العكس فالمحذوف الُمقدر أصل والمذكور فرع (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) أي الذين يقرون ويعترفون مؤمنين بالغيب.
ومرة يكون أحدهما مجملاً والآخر مبيناً وموضحاً (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ) فالرؤية مجملة والتأمل والاعتبار تبيين للمعنى وتأليق لصورته. ومن عادة العرب أن يُعطوا المأخوذ منه حكما من أحكام صاحبه عمارة لبينهما وتتميما للشبه الجامع بينهما.
ومرة يكون المذكور خاصا والمقدر عاما (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ). فالشرب خاص بحاسة الذوق، والتلذذ عام: فيكون بالبصر في لمعان الماء وتدفقه وانفجاره من العين، ويكون بالسمع بصوت الخرير، ويكون بالجسد بالسباحة والعوم، و ... فخص التلذذ بالشرب دون سائر الحواس.